من المثير للدّهشة و الغرابة و العجب أحياناً أن ترى عدداً من المسلمين يلهثون وراء الغرب و حضارته ، بل و إنّهم يهرولون و يراجعون أبواب سفارات الدّول الغربيّة للحصول على تأشيرةٍ تمكّنهم من السّفر إلى تلك الدّول و من ثمّ الإقامة الدائمة التي ينشدونها و يعتبرونها الحلم الأكبر و المنقذ الأعظم لهم من ظلمات الفقر و التخلّف بزعمهم ، و لا ريب أنّنا نعلم ما وصل إليه العالم العربيّ و الإسلاميّ من وضعٍ سيءٍ مزرٍ لا يرضى عنه أحد و لا يقبله ، و كلّ ذلك نتيجة بعد النّاس عن دينهم الذي جاء لينقذهم من ظلمات الجّهل و الضّلال إلى نور الهداية و الفلاح في الدّنيا و الآخرة ، بل إنّ عزّة هذه الأمّة و رفعتها تأتي من تمسّكها بدينها ، فمن أعرض عن طريق الله سبحانه انتكس و ارتكس و عاش معيشةً ضنكاً كلّها شقاء ، فبالإسلام وحده و بالتّمسك بشريعة الرّحمن التي لم تغفل جانباً من جوانب الحياة إلا و عالجته و وضعت له الحلول المناسبة ، و بالتّمسك بأخلاقيات الدّين التي تحثّ على كلّ فضيلةٍ ، بكلّ هذا ترتفع راية الأمّة و يعلو شأنها لتنافس الأمم بل و تعلو عليهم بقيمها ، فلا عذر لأحدٍ أن يفتخر بالغرب و حضارتهم المبنيّة على المادة و التي خلت من الجوانب الرّوحيّة و الأخلاقيّة فهدمت القيم ، و كرّست المادة في كل جوانب الحياة الإجتماعيّة و الإقتصاديّة فغدى البشر كآلةٍ تحرّكها مجموعة من القوانين و الأنظمة .
و قد درس عددٌ من العلماء الغربيّين الإسلام منهم برناردشو و غوته و غيرهم كثير ممّن تكلموا عن الإسلام و الرّسول صلّى الله عليه و سلّم فأشادوا برسالة الإسلام الخالدة ، و أشادوا بشخصيّة النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام ، فقال أحدهم : إنّ رسالة الإسلام هي احسن وأفضل الرّسالات التي جاء بها محمّد ، و منهم من قال أنّ محمّداً و رسالته هو شمس الإسلام على الغرب ، و آخر قال إنّه لو كان محمدٌ عليه الصّلاة و السّلام بيننا لحلّ مشاكل وعيوب العالم و هو يحتسي فنجاناً من القهوة ، فالغرب و خاصة من درسوا تاريخ الإسلام و قرؤا القرآن قد رؤوا فيه ما يدهش البصائر و العقول ، فقد دخل الإسلام بيوت الملايين على امتداد انحاء المعمورة برسالةٍ تحثّ على كل فضيلةٍ و خيرٍ و تنهى عن كلّ رذيلةٍ و شرٍ ، فكانت هذه الرّسالة بحقٍ طريق البشريّة إلى السّعادة و الفلاح .