التوكل على الله تعالى هو : الإعتماد عليه سبحانه جل في علاه، والثقة بما في عنده وحده وقدرته في جلب النفع والخير ودفع الضر والشر .
والتوكل له أربعة شروط لا يتحقق إلا بهن مجتمعات، ألا وهن:
1- حصر التوكل وتقييده على الله سبحانه وتعالى، فالمسلم يجب أن يتوكل على الله وحده لا شريك له، ويحصر هذا التوكل على الله سبحانه وتعالى، وهذا التقييد ينفي اى توكل على غير الله تعالى في اى أي أمر من أمور الدنيا أو معاملاتها كالتوكل على زيد أو عمرو أو على جهة أو قبيلة معينة. فهذا ليس من التوكل بشيء، بل وإنه قد يقع في باب الشرك الأصغر بالله تعالى.
2- التسليم والإيمان والإعتقاد الجازم بأن الله جلّ في علاه هو القادر على جلب النفع ودفع الضر، وهو الوحيد القادر على تلبية إحتياجاته وتحقيق رغباته ومطالبه لا شيء سواه.
3- اليقين التام بأنك لو توكلت على الله في أمر معين، فإن الله تعالى سيحقق لك هذا الأمر، إن أخلصت وصدقت وتوكلت على الله حق توكله.
4- ألا ييأس المسلم ولا يقنط أبداً فيما يتوجه به إلى ربه من التوكل على الله عز وجل في قضاء الحوائج.
والتوكل على الله تعالى يبعث في قلب المؤمن طمأنينة وراحة لا تكون لأحد غير المسلم، وذلك لما هى اسباب كثيرة ; أهمها أن المؤمن عندما يعلم أن له رب واحد قادر على تلبية حوائجه، وأن هذا الرب يكون دائماً مع عبده، يراه في حركاته وسكناته في أفراحه وأتراحه، وأن كل ما يمر به المسلم هو ما بين أمرين : " إذا أصابته سراء شكر، فكان خيراً له. وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. وليس ذلك لأحد إلا للمسلم"، فالمسلم يعلم يقيناً أن كل ما يمر به هو من تدبير ربه له وأن فيه الخير كل الخير.
وإن كان أحياناً يرى فيه بعض الشر له،وذلك يدفع المؤمن لأن يزداد في نشاطه وعمله وإنتاجه، لأنه يوقن بأن الله لن يضره، ولا يخاف فساد محصولاً أو انهيار بورصات أو إغلاق معابر .. أو ما إلى ذلك من الأمور التي تبعث الشك والريبة في قلوب غير المسلمين، وتدفعهم إلى الوسوسة والشك في كل شيء، والهيبة والخوف والتفكير الدائم فيما لو حصل كذا أو كذا، لأنهم لا يتوكلون على الله، ولا يعلمون أن الله بيده كل شيء، وأن المسلم إن كان صادقاً في توكله فلن يضيره شيء في العالم بأسره .
ولكن هناك شيء مهم جداً وحساس جداً في هذا الموضوع، ألا وهو (التواكل): وذلك أن يجلس المرء في بيته بدون عمل ويقول أن الله سيرزقني لأنني متوكل على الله وأعبد الله حق عبادته، أو أن يكون هناك قد طرأ أمر ما في حياته، فيجلس لا يفعل شيئاً حياله، ويقول أن الله سيحل لي هذا الأمر لأني متوكل على الله، هذا هو التواكل بعينه.
فعندما دخل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على ناس من اليمن فوجد رجالاً يعبدون الله، يصومون، ويصلون لله تعالى طوال النهار ولا يعملون شيئاً في دنياهم ليطعموا أولادهم أو أنفسهم ، فسألهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه: "من أنتم؟"
قالوا: نحن المتوكلون "
قال: "بل أنتم المتواكلون، إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، إن المتوكل هو الذي يلقي حبة في الأرض، ويتوكل على الله عز وجل"
وأخيراً ، فإن التوكل على الله والثقة أن الموت والحياة بيده وحده لا شريك له، فإن ذلك يدفع المؤمن إلى الإقدام والشجاعة، وعدم الخوف من الموت، والشجاعة في القتال في سبيل الله، والشجاعة والجرأة في قول الحق وإظهاره، ومعارضة الباطل وإنكاره، ذلك لأنه يعلم أن الاجل مكتوب من قبل أن يولد، وإن الإقدام لن ينقص من العمر شيئاً، وأن الإحجام لن يزيد من العمر شيئاً.