تتغير الأزمنة والعصور، ويتغير الزمان بكل تفاصيله، من حينٍ لآخر، ليتغير الناس أيضاً بأعرافهم وأذواقهم، وحتى أشكالهم!
كل ذلك لأجل مواكبة الحضارة والحداثة المتقدمة، من هنا ظهر مصطلح "الموضة".
ف"الموضة" دخلت في اللباس، وفي المأكولات، وفي المكياج، وحتى في قص الشعر، فمرة تكون القصة الفرنسية هي الموضة، ومرة ثانية تكون القصة الإيطالية، وأخرى قصة المدرج، وغيرها السبعات..إلخ.
ومن الطبيعي حينما نتبع الموضة، في قصة الشعر، أن لا نسأل عن الحكم الشرعي لقص الشعر، فهل يجوز لنا قص الشعر؟ أم يجوز لفئة دون أخرى؟، أم الحرام في هذا هو الحلق فقط؟
كل هذه الأسئلة سنجيب عليها في المحاور الآتية:
أولاً: قص الشعر بمعنى الحلق:
- أما الرجال فيجوز لهم حلق الشعر كاملاً دون إبقاء أي جزء منه، لأن طبيعتهم الذكورية لا تؤثر على جمال الخلقة التي خلقهم الله عليها.
- وأما النساء فيحرم عليهم حلق شعرهم كاملاً، لما فيه من تغيير للفطرة، وتشويه الجمال الأنثوي التي خلق الله المرأة عليها، فشعرها زينة لها، وحينما تحلقه تعترض على خلقتها وفطرتها، وتتشبه بالرجال، وتفزع من حولها حين يراها حالقة الرأس. هذا الحكم في الوضع الطبيعي للمرأة، وأما لو كانت مريضة برأسها، وعلاجها حلق رأسها، فالضرورة تقدر بقدرها.
ثانياً: قص الشعر بمعنى التقصير، مع إبقاء جزء منه:
يجوز تقصير الشعر للرجال والنساء، ولكن ليس على الإطلاق، فهناك كيفيات لا يجوز لهم القص بها، رجالاً كانوا أو نساءً، لحكم متعددة، هذه الكيفيات نهى عنها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث النبوية والآثار، نذكر ما جاء فيها من إطالة أو تقصير:-
-1- لا يجوز للرجال إطالة الشعر، بحيث يكون منسدلاً كالنساء، لقوله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: "نعم المرء أنت، إلا خصلتان فيك، إسبال شعرك، إسبال إزارك"، وبالتالي وجب في حقهم التقصير.
-2- ألا يكون في ذلك التقصير، سواء للرجال أو النساء تشبهاً بأهل الكفر، وحال الفاسقين، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقومٍ صار منهم".
-3- النهي عن القزع، فقد جاء في الأثر عن عبيد الله بن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، ولما سئل ما هو؟، قال: "أن يحلق بعض الرأس ويترك باقيه".
فمن رحمة الله لعباده، وحبه لهم أنه جعله محرماً، لما في مثله، إفزاع للمرء الناظر، كما فيه قباحة وعيب على الحالق، فهناك الكثير من القصات المشهورة، التي تمثل صورة الفزع، مثل الكابوريا؛ والمارينز، والفرنسي أو ما تعرف بين القرويين بـ"الزبدية".
-4- يجوز للمرأة التقصير من شعرها، شريطة ألا يكون ذلك أقل من مدى الأذنين، بمعنى أنه لا يجوز لها التخفيف وانقاص بما يشبهها بالرجال، كالشعر القصير جداً، بل أقل ما يسمح لها أن يكون الشعر تحت مستوى الأذنين، بما يحافظ على طبيعتها كامرأة، ولا يفقدها فطرتها الأنثوية.
-5- النهي عن التقريع والتبقيع، وإحداث أي شيء يغير من جمال الشعر، على صعيد الرجال والنساء سواء.
هذا والله تعالى أعلى، وأعلم.