يعتبر مسجد قباء أوّل المساجد التي بناها المسلمون في الإسلام، وهو أوّل مسجد أسّس على التقوى؛ إذ قال الله تعالى فيه في كتابه: (لمسجدٌ أسّس على التقوى من أوّل يوم أحق أن تقوم فيه). وتمّ بناء هذا المسجد عندما هاجر الرّسول صلى الله عليه وسلّم من مكّة المكرمة إلى المدينة المنورة؛ إذ شارك الرسول عليه السلام ببناء المسجد ووضع حجر الأساس له، ثمّ قام أبو بكر الصديق بإكمال بنائه، وبعده عمر بن الخطّاب، وشارك المهاجرون والأنصار أيضا في بنائه. ويعدّ مسجد قباء من أحد المساجد الثلاثة الّتي تشدّ إليها الرحال، والتي أخبرنا بها الرسول عليه السلام.
وللصّلاة في مسجد قباء ثواب عظيم؛ إذ وردت أحاديث كثيرة تبيّن فضل الصلاة فيه، فالصلاة في مسجد قباء تعادل عمرةً، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: (من توضّأ فأحسن وضوءه ثمّ دخل مسجد قباء فركع فيه أربع ركعات كان ذلك عدل عمرة". وسبب تسمية مسجد قباء بهذا الاسم نسبة إلى البئر الّتي اشتهرت بها القرية، والتي كانت تنسب لأبي أيّوب الأنصاري. وكان يسكن هذه القرية بنو عمرو بن عوف.
يقع مسجد قباء على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات من المسجد النبوي، في الجنوب الغربي من المدينة المنوّرة. كان الرّسول صلى الله عليه و سلم يزور مسجد قباء ويصلّي فيه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة كلّ يوم سبت من كلّ أسبوع، حتّى أصبحت زيارة مسجد قباء كلّ يوم سبت عادةً عند أهل المدينة. وفي هذا المسجد بالتحديد قامت أحداث القصّة المشهورة عن ناقة الرّسول عليه السلام، والتي بركت في أرض يمتلكها يتيمان، وقام الرسول بشراء الأرض منهما، ولم يقبل عرضهما بإعطاء الرّسول عليه السلام الأرض كهديّة دون مقابل.
وقد اهتمّ المسلمون بمسجد قباء اهتماماً عظيماً، وذلك لفضله الكبير؛ إذ قام عثمان بن عفّان رضي الله عنه في خلافته بتجديده، ثمّ بعد ذلك قام عمر بن عبد العزيز ببناء مئذنته، وكانت أوّل مئذنة تقام للمسجد. يحتوي المسجد على قبّة، ويقال بأنّها مكان مبرك ناقة الرسول عليه السلام. والمسجد مستطيل الشكل، وسقفه على شكل سلسلة من القباء، ويمتاز المسجد بلونه الأبيض الناصع، والّذي يمكن أن نراه من مسافة بعيدة. وتجدر الإشارة إلى أنّه تمّت توسعة المسجد من قبل وزاة الحج و الأوقاف في المملكة العربية السعودية لعدّة مرات، وذلك كي يتّسع لأكبر عدد من المصلّين.