ذُكرت كلمة الأعراب في القرآن الكريم مرّاتٍ عديدة، ويتساءل كثيرٌ من النّاس عن المعنى الحقيقي للأعراب، فهل هم البدو الذي يسكنون البادية ويبتعدون عن المدينة؟ أم إنّ كلمة الأعراب تحمل معاني كثيرة.
إنّ وصف القرآن الكريم كان دقيقًا للأعراب؛ حيث قال تعالى في سورة الأحزاب الآية عشرون: (يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودّوا لو أنّهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلّا قليلا )، ويفهم من هذه الآية الكريمة أنّ الأعرابي هو من سكن البادية وكان بعيدًا عن المدينة والحضر، فيسمّى لذلك ساكن المدن بالحضريّ، ويسمّى من يسكن البادية أو الأعراب بالبدويّ، والبادية غالبًا تكون مساحةً شاسعةً فيها الماء والمرعى، ويعمل النّاس فيها برعاية الماشية والإبل، ويكون لمن يسكن البادية طبائع وسمات تختلف عن سمات من يسكن المدينة أو يكون بين السّهول والخضرة، فترى البدوي أو الأعرابي يحمل صفات الغلظة والشدّة والجفاء، وفي الأثر من سكن البادية جفا، بينما ترى سكان السّهول والحضر أسهل طباعًا وأحسن معاشرةً وألين عريكةً، وإنّ هذه الصفات في الأعرابي ناتجةًٌ من صعوبة العيش في الصّحراء، وقلّة الاختلاط مع النّاس فيها؛ بحيث يفتقدون للمهارات الاجتماعيّة، وتجد الغالب عليهم الصّمت والجفاء والتّأمل.
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الأعراب في كتابه العزيز في معرض الذمّ، وقد استثنى سبحانه بعضاً منهم، فمن الصّفات التي ذكرت في الأعراب: أنّهم أشدّ كفرًا ونفاقًا؛ أي تجدهم يمعنون في النّفاق والكفر، ويتفوّقون على غيرهم فيه، وهم إضافةً إلى ذلك يتّصفون بالجهل عمومًا بأحكام الله تعالى وحدوده، وقد حدث يومًا أن دخل أعرابيّ على عالمٍ من علماء الأمّة يحدث النّاس بالفقه، فوقف الأعرابي ليقول له: إنّ كلامك يعجبني ولكنّ يدك تريبني، وقد كانت يد العالم مقطوعة، فظنّ الأعرابي الجاهل أنّ يد العالم قد قطعت بسبب ارتكابه حدّ السّرقة، ولم ينتبه إلى أنّ يد العالم المقطوعة إنّما كانت الشّمال، واليد التي تقطع في الحدّ هي اليمنى، وهذا يدلّ على جهلهم بحدود الله وفقه الدّين، وهم يدّعون بأنّهم مؤمنون بينما حقيقة أعمالهم تبيّن خلاف ذلك.
وقد استثنى الله تعالى من الأعراب أقوامًا يؤمنون بالله تعالى واليوم الآخر؛ بل وينفقون من أموالهم في سبيل الله تعالى رغبةً في التّقرب إليه سبحانه، لذلك لا يجوز إطلاق لفظ الأعرابيّ في معرض الذّم، وإنّما تمييزهم كما ميّزهم الله تعالى في كتابه.