أقدم مدن التاريخ
هنالك اختلافات بين المؤرخين القدماء والحديثين على حد سواء على تحديد أقدم مدينة مأهولة سكنها البشر في العالم، فبعض المؤرخين يؤكدون أنّها مدينة أريحا الفلسطينيّة، وبعضهم الآخر يعطي معطيات كثيرة على أنّها مدينة دمشق في سوريا، وللأمانة التاريخيّة سيتم ذكر المدينتين والأدلّة الرئيسيّة في اعتبار أيّ من المدينيتين هي الأقدم.
مدينة أريحا وأهميتها التاريخية
مدينة فلسطينيّة ذات تاريخ عريق، وهي تقع غرب نهر الأردن، ويعود تاريخها إلى عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، وأهميّتها تكمن في موقعها الجغرافيّ المميز، حيث إنّها ممر لنهر الأردن وممر للبحر الميت، كما أنّها تبعد ستة وثلاثين كيلومتراً فقط عن العاصمة الفلسطينيّة القدس الشريف، وأصل تسميتها يعود إلى الاسم الساميّ الأصل وهو ريحو ومعناه القمر، وفي اللغة العبريّة أريحيو وذُكرت في التوراة اليهوديّة على أنّها أقدم مدينة في التاريخ، ويدلّ معناها السرياني على الرائحة والأريج، وتُعتبر أريحا أقدم مدينة كنعانيّة، ويعود تاريخها للعصر الحجري، وأزدهرت المدينة في العصر الرومانيّ بشكل واضح، ثم تراجعت بعد تعرّضها لهجوم الهكسوس بين عامي 1750 إلى 1600 قبل الميلاد، وما لبث أن هاجمها اليهود في عام 1188 قبل الميلاد وحرقوها بشكل كامل، ثم انتقل الحكم للمؤابيين، وتم طرد اليهود منها بقيادة الملك عجلون الذي سمّيت باسمه مدينة عجلون الأردنيّة، وفي القرن السادس قبل الميلاد سيطر الفرس على حكم المنطقة بالكامل، وتم السيطرة على مدينة أريحا كباقي المدن حولها، وفي العهد الإسلاميّ انتقلت للحكم الإسلاميّ وأسلم الكثير من أهلها، وقد بنى الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك قصراً فيها وسمّاه باسمه، ثمّ دخلها الصليبيّون واحتلّوها وأصبحت مركزاً للجيش الصليبيّ بقيادة ريموند، لكن لم يمتدّ حكمهم كثيراً فيها حيث جاء القائد المسلم المشهور صلاح الدين الأيوبيّ، وحرّر المدينة مع تحريره لبيت المقدس ومدن المنطقة، ثم حكمها العثمانيّون في أعوام 1517 ألى 1918 ميلادي، وانتقل حكمها للانتداب البريطانيّ بعد نهاية الحرب العالميّة الأولى، ثم وقعت تحت الاحتلال الإسرائيليّ بعد عام 1967 ميلادي.
مدينة دمشق وأهميتها التاريخية
من المؤكّد أنّ مدينة دمشق أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، لكن يبقى الجدل على أنّها أقدم مدينة في التاريخ، أو أنّ مدينة أريحا أقدم منها، سُمّيت مدينة دمشق بهذا الاسم باللغة الكلدانيّة القديمة بمعنى الأرض الزاهرة أو الأرض المسقية، وقد اشتهرت على مدى تاريخها الطويل بمياه نهر البردى الذي يروي غوطتها، عثرت بعثات التنقيب في دمشق على آثار يعود تاريخها الى العصر البرونزي، من فؤوس ومقاحف حجريّة وغيرها، كما عُثر على مستوطنات وقرى في منطقة تل الأسود، ومخازن قديمة للحبوب هي الأقدم في العالم، وُجِدت الحضارة في دمشق بتل الأسود وتل الغريقة، وتحولّت المدينة للآراميّة في حوالي القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وفي القرن الثامن قبل الميلاد انتقلت للإمبراطوريّة الآشوريّة، ثمّ للإمبراطوريّة الرومانية، ثم انتقل الحكم فيها للعصر الإسلاميّ بعد فتحها من قبل جيوش المسلمين، وفي العصر الأمويّ أصبحت عاصمة الخلافة الإسلاميّة، وللأمويّون الكثير من الآثار في المدينة التي ما زالت صامدة وموجودة، ثم انتقل حكمها للخلافة العثمانيّة، وفي العصر الحديث عاشت دمشق الكثير من ويلات الحرب العالميّة الأولى، ووقعت تحت الانتداب الفرنسيّ، وصارعت البلاد كثيراً لتحصل على استقلالها.