عيد العمّال العالمي
يُطلق عليه يوم العمل في العديد من البلدان، ويعتبر هذا العيد شيوعياً علمانياً اشتراكياً نقابياً، يقام بشكلٍ سنوي في أنحاء متفرقة من بلاد العالم احتفاءً بالعامل والعمّال في الأوّل من أيّار من كلِّ عام، ويعتبر هذا اليوم عطلةً رسميّة في العديد من البلدان.
نبذة تاريخيّة عن عيد العمّال
تعود الفكرة الأولى لهذا اليوم إلى القرن التاسع عشر للميلاد، وتحديداً في دول أميركا وأستراليا وكندا. كانت تشتعل في ولاية شيكاغو الأميريكيّة العديد من النزاعات العماليّة لتخفيض ساعات الدوام الرسمي في هاملتون في تلك الفترة، وقد تشكلت حركة ترعى هذه النزاعات أطلق عليها حركة الثماني ساعات.
أما في أستراليا فكانت البداية الأولى للعيد، وكانت الانطلاقة الأولى لهذا اليوم في الحادي والعشرين من شهر نيسان عام ألفٍ وثمانمئةٍ وستة وخمسين، ثم انتقل هذا التقليد بعدها إلى الولايات المتحدة الأميركيّة، حيث طالب العمال في ولاية شيكاغو تخفيض ساعات العمل إلى ثماني ساعات في اليوم عام ألفٍ وثمانمئةٍ وستة وثمانين، وتكرر هذا الأمر في ولاية كاليفورنيا.
أُقيم في مدينة تورنتو قبيل تلك الفترة بأعوام احتفال بيوم العمال حضره زعيم العمال الأميركي (بيتر ماكغواير)، وكان نضال العامل الكندي قد أثمر عن صدور قانون الاتحاد التجاري الذي أعطى صفةً قانونيّة للعامل هناك، إضافةً لحماية نشاط الاتحاد، وقام بعدها ماكغواير بنقل الفكرة إلى بلاده حيث تمّ بعدها الاحتفال بأول عيد للعمّال في أميركا في الخامس من شهر أيلول عام ألفٍ وثمانمئةٍ واثنين وثمانين في ولاية نيويورك الأميركيّة.
أحداث هايماركت
في بداية شهر آذار من عام ألفٍ وثمانمئةٍ وستة وثمانين، نظّمت مجموعةٌ من العمّال في ولاية شيكاغو إضراباً عن العمل، انتقل بعدها هذا الإضراب إلى مدينة تورنتو.
شاركت في هذا الإضراب مجموعة من العمّال يتراوح عددهم ما بين ثلاثمئةٍ وخمسين وأربعمئة ألف عامل، طالبوا من خلاله بتخفيض ساعات العمل إلى ثماني ساعاتٍ في اليوم، وكان شعارهم: " ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغٍ للراحة والاستمتاع".
لم يرق هذا الإضراب للسلطات الرسميّة وأرباب العمل هناك، خاصةً أنّ تلك الدعوة التي طالبت بالإضراب قد حققت نجاحاً كبيراً، ونتج عنها إحداث شللٍ في الحركة الاقتصاديّة للولاية، حيث أدى هذا الأمر إلى إطلاق النار من قبل الشرطة على المتظاهرين وأدى إلى قتل العديد منهم.
قام بعدها مجهولٌ بإطلاق قنبلةٍ وسط تجمعٍ للشرطة أدى إلى مقتل أحد عشر شخصاً من بينهم سبعة من رجال الأمن، على إثر تلك الأحداث قام رجال الشرطة باعتقال العديد من المتظاهرين من قادة العمال، وحكم بالإعدام على أربعةٍ منهم أما الباقون فقد صدرت بحقهم عددٌ من الأحكام المتفاوتة.
في لحظة تنفيذ حكم الإعدام بالقادة، كانت زوجة أحدهم وهو (أوجست سبايز) تتلو خطاباً قام زوجها بكتابته لابنه الصغير (جيم)، حيث قال به: " ولدي الصغير، عندما تكبر وتصبح شاباً وتحقق أمنية عمري، ستعلم لماذا أموت وليس عندي ما أقوله لك أكثر من أنني بريء وأموت من أجل قضيّةٍ شريفة ولهذا لا أخشى الموت، وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكي قصته لأصدقائك ".
لاحقاً ظهرت حقيقة القنبلة والجهة المسؤولة عن إلقائها، وذلك بعد اعتراف أحد عناصر الشرطة بأن من قام بإلقاء القنبلة هم رجال الشرطة أنفسهم. بعد تلك الأحداث وتوابعها سعى الرئيس الأميركي آنذاك (غروفر كليفلاند) إلى عقد مصالحةٍ مع حزب العمال، وكان من نتائجها أن تمّ تشريع عيد العمال وإعلان هذا العيد عطلةً رسميّة في البلاد.
تأثير ونتائج أحداث هايماركت على العمّال
كان لأحداث هايماركت تأثيرٌ مزلزل للعمّال في العديد من دول العالم، حيث قام المؤتمر الأوّل للأمميّة الاشتراكيّة بإحياء ذكرى تلك الأحداث في مدينة باريس عام ألفٍ وثمانمئةٍ وتسعة وثمانين، تمّت على إثره الدعوة للخروج في تظاهرات لإحياء تلك الذكرى، وفي المؤتمر الثاني تمّ الاعتراف بعيد العمال كحدثٍ سنوي يحتفى به.
في سنة 1904م تمّت الدعوة إلى عيد العمل في الأوّل من أيّار من كلّ عام، حيث وجهت هذه الدعوة التي انطلقت من أمستردام إلى كافة النقابات العماليّة والمنظمات في جميع أرجاء العالم، حيث تمّ السعي بعدها لتجعله يوم عطلةٍ رسميّة في العشرات من الدول.
في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وخمسة وخمسين أطلقت الكنيسة الكاثوليكيّة مباركتها بالأوّل من أيّار كعيدٍ للعمّال، وتمّ اعتبار القدّيس يوسف النجّار شفيعاً للحرفيين والعمّال، أما فيما يخص أميركا وكندا فيتمّ الاحتفال بهذا اليوم وفق التقليد القديم، أي في أوّل يوم إثنين من شهر أيلول من كلّ عام.