جزيرة الدمى
جزيرة الدمى هي واحدة من جزر المكسيك، وتقع إلى الجنوب من العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي، تنتشر في الجزيرة عدد من البحيرات التي كانت مهدا لأعظم الحضارات التي قامت في وادي المكسيك؛ كحضارتي الأزتيك والتولتيك، ومن هذه البحيرات بحيرة (سوتيميلكو) والتي تمتاز بعذوبة مياهها بالإضافة لمئات من الجزر الصناعية التي تنتشر عليها.
حكاية دون جوليان مع الدمى (الساكن الوحيد في الجزيرة)
بقيت الجزيرة لعقود طويلة خالية من السكان باستثناء كوخ واحد يسكنه رجل واحد وهو (جوليان سانتانا باريرا)، عرفه الناسم باسم (دون جوليان)، كان باريرا غريب الأطوار حيث كان متزوجا ولديه أطفال يقطنون في المدينة، لكنه فضل الابتعاد عنهم والإقامة في الجزيرة المنعزلة بمفرده، وقد ترددت الكثير من الأقاويل حول الما هى اسباب التي دفعته لفعل هذا الأمر، ومن هذه الأقاويل أنه في عام 1950م، كان باريرا شابا أنيقا لديه وظيفة محترمة وعائلة، وكان يتردد باستمرار على الجزيرة لصلة القرابة التي تجمعه بمالكي الجزيرة، وفي إحدى تلك الزيارات وقف طويلا أمام المياه متأملا بقعة قد غرقت بها فتاة قبل عدد من السنوات، وفجأة رأى طيفا باهتا للفتاة تحت صفحة الماء؛ حيث كان ثوبها الأبيض ذو الشرائط الطويلة المزركشة يتموج بشكل واضح تحت المياه في تلك البقعة، لكنها لم تطف أبدا على السطح، وبدت وكأنها عالقة بشيء ما بحيث يحول دون صعوده للسطح.
اعتقد الشاب للوهلة الأولى بأنها ميتة، لكنه سرعان ما بدل رأيه عند اقترابه منها ورأى وجهها بوضوح؛ حيث بدت كأنها حية، حيث إن عينيها كانتا مفتوحتان على وسعهما، وكانت تنظر إليه بغرابة، فما كان منه إلا أن أسرع بالقفز إلى الماء معتقدا بأنه يستطيع إنقاذها، وتبين له بعد أن سحبها بأنها كانت مجرد دمية أطفال جميلة، وكاد هذا الأمر يفقده صوابه لأنه كان على يقين بأنه رأى فتاة حقيقية بالقرب من سطح الماء، لكنه لم يمسك سوى بدمية مطاطية.
ازدادت حيرة الشاب بعد إخبار أحد المزارعين له بقصة الفتاة التي غرقت في تلك البقعة في عشرينيات القرن الماضي، والتي لم يستطع أحد العثور على جسدها، فأيقن في تلك اللحظة بأنه قد رأى شبح تلك الفتاة الغارقة، وبعد عودته إلى منزله في المدينة في ذلك اليوم شعر بأنه لم يعد هو نفسه الشخص الذي غادره في الصباح، فقد فقد ابتسامته وامتنع عن ملاعبة صغاره كما كان يفعل سابقا، بحيث أصبح قليل الكلام وكانت صورة الفتاة لا تفارق مخيلته بل وتقض مضجعه، بحيث إنه كلما حاول الخلود للنوم داهمته عيناها وهي تحدق به تحت صفحة الماء، وكأنها تحاول التوسل إليه بأن يعود إلى الجزيرة.
استمر الحال على هذا النحو إلى أن غادر منزله ولم يعد له ثانية، بحيث ترك بيته ووظيفته، واستبدل كل هذا بكوخ صغير في جزيرة معزولة، وأصبح جوليان في كل يوم يلتقط دمية جديدة من نفس البقعة التي غرقت بها الفتاة، وكان يأخذ تلك الدمى ويعلقها على أغصان الأشجار في الجزيرة، وبلغ هوسه بالدمى حد أن كان يذهب في كل يوم إلى المدينة للالبحث عن بقايا الدمى القديمة بين النفايات، أو يقايض ببعض الخضار والثمار التي كان يزرعها بالدمى القديمة، دون أن يكترث لحال تلك الدمى، ومع مرور الأيام والسنين تحولت الجزيرة إلى معرض كبير لتلك الدمى، وفي عام 2001م، عثر على جثة دون جوان تطفو على سطح الماء في نفس البقعة التي غرقت بها الفتاة قبل أكثر من نصف قرن، دون معرفة طريقة كيف حدثت الوفاة، ولكنه خلف وراءه واحدة من أغرب جزر العالم وأكثرها غموضا وكآبة.