إن الإنسان بطبيعته مخلوق اجتماعي. ومنذ زمن بعيد لم يستطع الإنسان تكوين وعي وذاكرة جماعية إلا حين استطاع بناء أول حضارة، وحين تجمع الناس في اماكن مختلفة، بدؤوا بعدها بالزراعة والإنتاج والتواصل،وكحتمية لهذا التطور أخرج الإنسان من قريحته قوانين تسعفه لتنظيم حياته وصار يسمي الاشياء ويبتكر المصطلحات، ومع امتداد الزمن وتوفر نوع من الاستقرار النسبي بدأ الانسان بتنظيم حياته المرتبطة بالجماعة، ومن هنا نشأت القوانين وغالبية الافكار الجمعية التي يكاد أغلبها يحكمنا حتى يومنا هذا. من هنا نشات فكرة المواطنة اولاً لتعطي قاسماً مشتركاً بين اولئك البشر اللذين يسكنون متقاربين ضمن مساحة ما ويتقاسمون قوانين مشتركة ما بدءا من قوانين هم قاموا بسنها انتهاء بعوامل طبيعية وعرقية قد يشتركون فيه.من المعروف أن التطور الإنساني في كل المجالات هو تطور تراكمي متوارث ويتم البناء عليه. إن كنت تريد توحيد الناس فما عليك إلا أن تجد تعرف ما هو مشترك او متفق عليه بينهم، الوطن كلمة يومية كلمة تتجلى اليوم في كل مكان بدءا من نشرات اخبار متفرقة في أنحاء الكون حتى ينطقها طفل ما في مدرسة ما ضمن أحد الدروس. إن كنت تريد خدمة وطنك فما عليك سوى ان تبتعد قليلا عن مدى العاطفية الكبير في كلمة وطن خاصة كمجتمع شرقي معاصر. وأن تقترب اكثر للتفكير بما يعنيه وطن، خاصة في زمن حالي تكثر فيه المشادات والحروب، ويتسم بتعقيدات الكم الهائل الذي يتلقاه الفرد من البينات يومياحتى يكاد الفرد المثقف على اقل تقدير من تحليل هذه البيانات لمعلومات نافعة، وبما أنه عصر تطور وحرية بشكل ما، فهو عصر يتيح لنا مناقشة كل شيئ ثابت أو متحول. إذن ماهو الوطن وكيف نخدمه ؟.
الوطن، الخوض في تعريفات كثيرة يفسد الهدف، الوطن هو بلدي، حسن وقد يقول آخر الوطن هو ذل كالمكان الذي أعيش فيه ويوفر لي الامن والقدرة على العيش. والوطن ربتعرف ما هو المنزل الآمن ومكان الماء والطعام. بلغة بسيطة قد تصلح هذه التعريفاتن لكن في زمن متطور كهذا فيه من الهويات والحدود والاعراق والناس تعرف ما هو كبير. وهو عصر صارت فيه ثروات الارض تحتكر او تستغل في استمرار البشرية، فغن البسيط يضاف إليه انك مواطن ما من بلد ما، لأنك ولدت فيه غالباً ولأنك تحمل هويته المميزة وتنتمي إليه.
فإن كان كل هذا كافٍ ليقنع الغنسان المتحضر بان هذا ما يعنيه الوطن فلا يبقى عليه سوى أن يخدمه. وكلمة خدمة هنا تعني انتماء وعرفاناً لهذا المكان بمكوناته الطبيعية والبشرية والمعنوية والمادية. كلمة الخدمة هذه تستحث الإنسان المواطن إذن لتطوير ذاته ووطنه. يمكن ببساطة ملاحظة أنه لا يمكن فصل الذات الجمعية او الفردية عن الوطن. وكمثال على هذا: بلد مثل الصومال تدب فيها المجاعة هي بلد يتعرض كل أبنائها تقريباً للمجاعة.فيما بلد أخرة مثلا مثل ألمانيا تتطور صناعيا وعلميا، وينعكس هذا تقريباً على جميع أبناءها. الآن لو أن الأفراد كأفراد مستقلين عملوا لصالحهم الفردي في العمل والنشاطات المعنوية والخ من نشاطات انسانية، فإنهم لن يستطيعوا أبداالتقدم في اى مجال من هذه المجالات دون توفر شروط جمعيةلتصريف طاقاتهم من مكان ودعم وحاضنة تظهر لهم نتائج أعمالهم وطموحاتهم. هذا اللذي يسمى وطنا تنطبق عليه كل هذه الأشياء. الإنسان المواطن يبدأ بخدمته لوطنه بان ينمو نموا سليما، وبما ان العلوم القياسية غير مطلقة فلا يمكن تعريف ومعنى تعرف ما هو سليم إلا بتعرف ما هو محسوس. وبما اننا في عصر وعي على العموم فإن النمو السليم يعني جمعياً : نموا أخلاقيا وثقافياً وتعليميا يخول الفرد ليكون عنصرا مفيداً في مجتمعه وبالتالي وطنه. وبماأن الوطن ليس مصطلحاً أنانياً فإن الإنسان اللذي يعمل على تطوير وطنه يطور ذاته في كل الأحوال. خدمة الوطن تبدأ من التفاهمات البسيطة داخل أسرة واحدة ومن الحفاظ على مقدرات الوطن وتطويرها، من عدم ارتكاب الحماقاتوالاخطاء الفردية مثل تلويث الشوارع وارتكاب السرقة، ومن ثم تنتهي بالدفاع عن أرض الوطن في حال الحرب أو الكوارث. إن كنا نتحدث عن خدمة الوطن فهذا يعني إذن اننا ومسبقا نحب أوطاننا كي نسعى لخدمتها. لا توجد مثاليات. لكن البدء في النهوض خير من الانكماش. الحضارات مفتوحة اليوم والمعلومات تنتشر في ارجاء الارض. كن إنساناً تخدم وطنك ، الامر ليس معقداً ولا بحاجة لأية شعارات. الانسان بطبيعته وطني ويجب ان يكون له وطن، يخدم الإنسان ذاته حين يتعلممثلاً ، وحين يخدم ذاته فإنه م نالمفترض هكذا ان يكون خدم وطنه، في كل القطاعات البشرية من زراعة وصناعة وتعليم الخ. الغنسان لم يتطور سوى عندما اجتمع في مسكان وبنى له وطناً. خدمة الوطن هي طبيعة إنسانية لا بد منها.