كيف تكتب بحثا علميا

البحث العلمي أو بالإنجليزية (Research): هو عبارة عن دراسة يتم إعدادها بشكل منهجي ومنظم، حيث يسير الباحث في إعداد هذه الدراسة على طرق وخطوات محددة، ويتبع أساليب معينة، ويستخدم أدوات معينة تعينه على إجراء هذه الدراسة وإتمامها بشكلٍ ممتاز.

والهدف الأساسي من البحث العلمي هو حل مشكلة معينة، فإذا لم يكن للبحث مشكلة معينة ينوي الباحث أن يحلها، فإنه ما يقوم به لا يعد بحثاً علمياً، فكثير من الناس يقومون بجمع بعض المعلومات وترتيبها وتبويبها وإخراجها، ومن ثم يسمون ما قاموا به (بحثاً علمياً)! وهذا خطأ، إذ أن الذي قاموا به لا يمت للأبحاث العلمية بأي صلة، وإنما يعد مجرد تكديس وجمع وحشو للمعلومات، ومن القيام بإخراجها بصورة معينة.

وقد يظن الكثير من الناس بأن كتابة البحث العلمي عملية سهلة وبسيطة، ولكن هذا خطأ، فكتابة البحث العلمي عملية شاقة وصعبة، ولا يدرك هذه الصعوبة والمشقة إلا من جرب كتابة البحث العلمي، وجرب المعاناة والمشقة التي يجدها الباحث أثناء كتابته للبحث. وهذه الصعوبة والمشقة التي نتكلم عنها ليست على مستوى معين وثابت عند جميع الباحثين، فهي تتذبذب وتتفاوت من باحث لآخر، ومن مشكلة بحثية لمشكلة بحثية أخرى، فمن المنطقي جداً أن نقول بأن الباحثين من أصحاب الخبرة البحثية الطويلة ستكون مشقة وصعوبة إعداد البحث أقل من المشقة والصعوبة التي سيواجهها الباحثون المبتدؤون. كما أن المشكلة البحثية تساهم بشكل كبير في مستوى الصعوبة والمشقة التي سيواجهها الباحث.

ونظراً لهذه الصعوبة المشقة التي لا بد أن يواجهها كل باحث أثناء إعداده للبحث العلمي، فإن من أهم الصفات والخصال التي يجب أن تتوفر في الباحث: الصبر والقدرة على التحمل. ومن الصفات الأخرى التي يجب أن تتوفر فيه: الفطنة والذكاء، فأصحاب البلادة والغباء والبطء في الفهم لا حَظ لهم في الأبحاث العلمية. ومن الصفات الأخرى المهمة التي يجب أن تتوفر في الباحث: العلم والمعرفة في الحقل العلمي الذي ينتمي إليه الموضوع الذي سيجري فيه بحثاً، فإذا كان الباحث سيجري بحثاً اقتصادياً، حيث ينوي أن يعالج فيه إحدى المشكلات الاقتصادية، أو أن يقوم بتفسيرها وتصويرها، فإن من الواجب أن يكون الباحث ملماً بعلم الاقتصاد، ولديه معرفة ودراية كافية في هذا العلم. ومن الصفات الأخرى المهمة التي يجب أن تتوفر في الباحث: الأمانة العلمية، والموضوعية التي تعني التجرد عن الهوى والتعصب. ومن الصفات الأخرى: المعرفة بالمنهجية العلمية المناسبة التي يجب اتباعها في إجراء البحث.

وحتى يتمكن الباحث من كتابة البحث العلمي، فإن من الواجب أن يتبع طرق وخطوات محددة تبدأ بتحديد مشكلة البحث، وغالباً ما يقوم الباحثون بصياغة هذه المشكلة على شكل سؤال. ومن ثم يقوم الباحث بتحديد عنوان للبحث يتميز بالاختصار والوضوح، بحيث يتناول هذه العنوان مشكلة البحث. وبعد تحديد العنوان، فإن على الباحث أن يحدد أهداف البحث وأهميته، وأن يحاول أن يحصر الدراسات السابقة إن وجدت، والتي تناولت نفس المشكلة التي يريد البحث فيها. كما يجب على الباحث أن يضع فروضاً أو فرضياتٍ معينة تتعلق بالمشكلة البحثية، والفروض هي عبارة عن اقتراحات يقوم الباحث بوضعها وتحديدها، ويكون الهدف من هذه الاقتراحات حل وتفسير المشكلة البحثية، حيث يقوم الباحث في بحثه باختبار وفحص هذه الاقتراحات للتوصل في النهاية إلى حل المشكلة البحثية التي أقام البحث من أجلها. كما يجب على الباحث أن ينطلق في بحثه من مسلمات وافتراضات معينة تسهل عليه البحث. ويجب عليه أن يعتمد على مصادر ومراجع مناسبة ليقوم بالاطلاع عليها، والاقتباس منها، ليتمكن من حل المشكلة البحثية.

وموضوع البحث العلمي وطريقة إعداده هو موضوع طويل ولا يمكن تغطيته بشكل كامل في هذا المقال، ولذا سنكتفي بهذه النبذة المتواضعة التي قدمناها، ونسأل الله أن ينفع القراء بها.