تنوعت أشكال وطرق ووسائل الإتصال قديماً، فقد استخدم الإنسان في بداياته طرق ووسائل التواصل المتعددة كالرسم على الجدران في الكهوف وغيرها، ومع مرور الوقت استطاع أن يطور اللغات المتعددة التي تتنوع الآن تنوعاً كبيراً، إذا ما استثنينا اللغات المندثرة، وبعد ذلك طور الإنسان وسائل لنقل المعلومات عن طريق كتابة الرسائل على الأوراق والرقاع الجلدية وغيرها، ونقلها بالمرسال من شخص إلى آخر في البلاد المختلفة، والمرسال هو الشخص الذي ينقل الرسائل بين الأشخاص، بناءً على طلبهم، واستطاع أيضاً استخدام الحمام الزاجل الذي دربه وطوعه لخدمته وتحديداً في نقل الرسائل، وكل هذه الطرق ووسائل كانت طرقاً طويلة تستنزف الوقت والجهد في عملية نقل الرسائل بين الأشخاص، عدا عن عدم فاعليتها في الظروف الطارئة.
أما وبعد عصر النهضة، وتطور العلوم وفي القرون الأخير استطاع الإنسان تطوير وسائل اتصال عرفت بوسائل الإتصال الحديثة والتي تعتبر إعجازاً من إعجازات هذا العصر لا نظير لها، وتتميز هذه الوسائل بخاصية الآنية، أي أن المعلومة تنتقل في وقت حدوثها بين أبعد نقطتين على الكرة الأرضية، ولم يعد هناك شئ بعيد، وأثمان هذه الوسائل متدنية جداً وفعالة إلى أبعد الحدود، فيستطيع شخصان أو أكثر متواجدون في نفس الوقت على أكثر من بقعة على الكرة الأرضية التواصل معاً وكأنهم جالسون في نفس المكان، كل هذا بسبب التكنولوجيا الهائلة التي ابتكرها العقل البشري في العصر الحديث.
بدأت هذه الوسائل باختراع وسائل الإتصال كالهاتف والبث الإذاعي من ثم تطويره إلى البث التلفزيوني، فالهاتف يستخدم عندما يريد شخصان التحدث مع بعضهما وهما في مكانين منفصلين، فيتحدثان إلى بعضهما البعض دون الحاجة إلى الالتقاء والتنقل لذلك. أما البث الإذاعي والتلفزيوني فيستخدمان لإرسال المعلومات فقط وليس استقبالها، فيبثان المعلومات والأخبار المحلية والعالمية والبرامج المتنوعة للتسلية والفائدة معاً. ولم تقف وسائل الإتصال عند هذا الحد، فقد تطور مفهوم وتعريف ومعنى البريد من الربيد التقليدي البطئ إلى البريد الإلكتروني الآني الذي يعتمد على شبكة الإنترنت والكمبيوتر، وهو وسيلة إرسال رسائل إلكترونية سريعة ومجانية، كما تطور مفهوم وتعريف ومعنى الهاتف والمكالمات إلى مكالمات الفيديو والتي زادت فعاليتها بعد الجيلين الثالث والرابع واللذان وفرا خدمات هائلة من مزودي هذه الخدمات وشركات الإتصالات. وأخيراً تم تطوير ما يعرف بالهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والتي كانت الشعرة التي قسمت ظهر عهد الإتصالات القديم، ليبداً عصر جديد مختلف كلياً، من أبرز سماته إلغاء آخر الحدود بين البشر على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وأديانهم وأعراقهم.