ما زال علم أو فن السياسة كما يحب البعض تسميّته في تطوّر دائم، و بإستمرار تطلع علينا مصطلحات سياسيّة جديدة، و كون حقل السياسة من ضمن حقول المعرفة الإنسانيّة الإجتماعية و ليست علوما طبيعية، فكثيرا ما يختلف أصحاب الحقل نفسه حول دلالات المصطلحات السياسية.
ظهر مصطلح الحزب اليساري لأوّل مرة في نهاية القرن الثامن عشر أثناء إندلاع الثورة الفرنسية، و في نفس الوقت ظهر مصطلح الحزب اليميني، إنّ سبب الثورة الفرنسية كان سخط الشعب على الطبقة الحاكمة و النظام الملكي بشكل عام آنذاك، و بعد نشوب الثورة، نوقش الأمر في مجلس النواب و كان الملك جالسا في المنتصف؛ و من على يمينه هم حاشيته و مؤيدوه و هم من رفض الثورة فسموا حزب اليمين، و من على يساره كانوا النواب الذين يمثلون طبقة الشعب الفقيرة و اللذين أيدوا الثورة و سموا بالحزب اليساري.
مع مرور الزمن تطور المصطلحان بشكل كبير، و لكن على الأغلب يشير الحزب اليميني إلى الفئة التي تدعم النظام القائم و تحاول الوصول إلى تحقيق أهداف المجتمع عبر تعديل النظام القائم جزئيا مع الإبقاء على ما أفرزته الحياة المجتمعية من تفاوت مشروع بين بني البشر.
أمّا الحزب اليساري فعلى أغلب التعريفات هو دائماً داع إلى المساوة بين البشر و إلى وجوب تقليص الفوارق بين الناس لأدنى قدر ممكن، و إلى تغيير الأنظمة الحاكمة بالكلية لأنها تستند إلى النفوذ و الأموال في وجودها و ليس لإرادة الشعب الحرة.
إنّ المعترك السياسي خصب جداً و لا يمكن الإجماع على أي من الفريقين أنّه هو الذي على الصواب، و لكن يبقى للأحزاب اليسارية في كل أرجاء العالم مؤيدون بمئات الملايين، لما يرون فيها من ناصر لهم، فالحزب اليساري على الأغلب يدعمه الكم من النّاس و اليميني يدعمه المال و السلطة، ولكن كما قلنا ليست تلك قاعدة عامّة مطردة.