مقولة للحسن البصري: "يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك"، إن الوقت مصطلح قديم قدم البشرية، ويعد من أغلى وأندر الموارد الإنسانية والتنظيمية، وهو ممتد بين الأحداث المختلفة في الحياة، حيث يسير في هذه الحياة وينتهي لوحده دون أن يوقفه أحد، ولا يمكن تخزينه والاحتفاظ به لشخص معين، فهو وجد للجميع دون استثناء، ولكن يختلف بين الأفراد بطريقة استغلاله، حيث من الممكن زيادة الكفاءة من استغلاله، بطريقة صحيحة قائمة على التنظيم وتقسيم المهام.
أقسم الله سبحانه وتعالى بالوقت في عدة مواضع في القرآن الكريم، مثل سورة الضحى، والليل، والعصر؛ للدلالة على عظمة شأنه، حيث ترتبط فيه الكثير من العبادات مثل الصلاة والصيام، ويعتبر صفة من صفات الوفاء التي يحبها الله والناس، ويشكل الوقت عمر الإنسان الذي سيسأل عنه يوم القيامة، وفيما أفناه، بالعبادة ونشر الدين، والعمل الحلال، وطلب العلم، أم بالمعاصي وانتهاك الحرمات.
يعود الوقت بالمصالح الكبيرة على الفرد؛ حيث به يتحقق العمل النافع الذي يجلب الدخل الضروري لسد الحاجات الشخصية، بالإضافة إلى قضاء لحظات ممتعة ومسلية بالرحل والتنزه والحفلات العائلية، وللوقت أهمية وفائدة كبيرة عائدة على المجتمع ككل، حيث تعم المصالح والفوائد في هذا المجتمع، مثل ازدهار التجارة وكافة القطاعات الإنتاجية الأخرى، وبناء الحضارات والأمم.
يجب استغلال الوقت وعدم إهداره في كل مكان سواء في البيت أو المدرسة...إلخ، وفي العصر الحديث الذي تنتشر فيه العولمة ومؤسسات وشركات البيع والشراء، أصبح للوقت أهمية وفائدة كبيرة في إنجاز مهام هذه المؤسسات والشركات، لهذا ظهر علم جديد متطور يسمى بعلم إدارة الأعمال، والذي تعتبر الإدارة الجيدة للوقت أحد أسس نجاحه وتفوقه، حيث تعمل على التخفيف وانقاص من ضغوط العمل ، وإنجازه بسرعة، وتحسين جودته ونوعيته؛ لتحقيق نتائج أفضل، بالإضافة إلى تعزيز راحة العمال، وزيادة دخلهم.
ينحدر من مصطلح الوقت عدة أشكال، مثل الساعة البيولوجية التي تتواجد داخل جسم الإنسان؛ لتحديد وظائفه البيولوجية، مثل وقت النوم والصحو، والليل والنهار، والساعة الوظائفية التي تقوم بتنظيم الوقت، والساعة الإدراكية وهي الساعة الناتجة عن إحساس الفرد بالوقت في عمل ما وفي لحظة ما، والساعة الموضوعية وهي الساعة التي توضع على الحائط أو تلبس باليد؛ لقياس الوقت، وهي واحدة بين جميع الأفراد، والساعة المفاهيمية والتي تشكل مفهوم وتعريف ومعنى الفرد عن الوقت الذي يكسبه في مراحل حياته الأولى؛ لذلك يتغير من شخص إلى آخر، والساعة النفسية وهي لحظات الوقت التي يحتاجها الفرد للخلو بنفسه والتفكير بمشاعره ومشاكله الداخلية.