حب مصر
مصر، مهد الحضارات، ومهبط الحب والخير، فحين يذكر اسم مصر، ينتفض القلب حبا لهذا البلد العظيم، الذي كان وما زال بوابة الخير والعطاء، وقبلة العروبة، والمكان الذي تأوي إليه النفس، لأن مصر تختصر جميع ما هى اسباب الفرح، فهي بلد الآثار الفريدة من نوعها، من أهرامات تطاول عنان السماء، وتماثيل تحاكي روعة الماضي والتاريخ، ومسلات فرعونية، ومتاحف تنبئ بعظمة ما عاش في مصر من حضارة ذكرت في القرآن الكريم.
في مصر أيضا، تتجلى روعة الطبيعة، ومحاسنها الكثيرة، طريقة كيف لا، وفيها النيل العظيم، أطول أنهار العالم، ولطالما قالوا أن مصر هبة النيل، لكن الحقيقة أن النيل يزهو بمروره في مصر، فيها اعتلى اسمه، واخضرت السهول والوديان، فمن صعيد مصر، إلى صحراء سيناء، إلى القاهرة العظيمة، إلى الإسكندرية، إلى كل بلد وقرية وشارع في مصر، تظهر إرادة الحياة، فلشوارع مصر وهج لا ينبغي إلا لها، من طقوس للفرح، وأجواء تعبق بكل ما تحبه النفس، فمصر بأفراحها وأحزانها، لا تغلق بابها أبدا.
لأن مصر أم الدنيا، فإنها تقطف من كل بساتين الدنيا ورودا، وكأنها تختصر العالم كله في شارع من شوارعها العتيقة، فكم من حضارة مرت فيها وأقامت وشيدت، وكم من أناس آووا إلى مصر فآوتهم، وكم من زرع آتى أكله في مصر، وانتشر في البلاد البعيدة، فمصر الجميلة، حلوة الطالع، بلاد القصب والياسمين، وأرض السكر والعسل، ورائحة المانجو والبيلسان، وعبق الفطير والكشري، الذي يفوح من بيوتها، فكل ما في مصر، يمد يده ليرحب بالضيف، ويغمره بكل الحب.
أما مصر اليوم، بلد الفن والحياة والعلم، وبلد الطرب الأصيل، والعمالقة، فهي مولد معظم العمالقة من شعراء وفنانين ومطربين وأدباء وأطباء، وإن لم تكن مولد الباقي منهم، فلا بد وأن تكون قد احتضنتهم ليكبروا وينطلقوا منها، فهي منطلق للشهرة والنجاح، بلهجتها اللطيفة، وخفة دم أبنائها، وروعة قلوبهم الطيبة، وأجوائها اللطيفة.
كم صبرت مصر على كل أحداث الزمان، ووقفت كالطود الشامخ، تدافع عن العرب وقضاياهم، طريقة كيف لا، وهي الأخت الكبرى لكل العرب، وهي البيت الذي يفتح أبوابه لجميع اجتماعات العرب، تضمهم كأم حنون، لتحيي فيهم نبض العروبة، الذي لن يموت، وسيبقى ما بقيت الحياة على هذه الأرض.
لأن مصر هي الأولى في الخير والعطاء، ولأن شعبها الذي ينبض بتسعين مليون قلب، ستظل مصر منارة للعروبة، لا ترد الغريب، وتذود عن حمى الوطن العربي الكبير، وستبقى رغم كل الصعاب، وطنا يضم أوطانا، وحضارة لا تنبغي إلا لها.