المغرب العربي
دول المغرب العربي هي واحدة من اجمل وافضل دول وبقاع العالم أجمع، فهي تتمتع بموقع هام وحساس جداً على البحر الأبيض المتوسط بالإضافة إلى أنها شديدة الجمال والتنوع البيئي، هذا عن قيمتها التاريخية والحضارية فهذه الدول تمتاز بأن كان لها دور كبير على امتداد التاريخ، وخاصة في زمن الحضارة العربية الإسلامية وما رافها من أحداث هامة جداً على كافة المستويات سواء السياسية أم الاقتصادية أم الحضارية، فمنها ظهر العديد من العلماء الأفاضل وفي كافة الميادين المختلفة، هذا عدا عن طهور دولتين هامتين عليها وهما دولتا المرابطين والموحدين، واللتان أطالتا في عمر التواجد العربي الإسلامي في بلاد الأندلس لمدة إضافية، فلولا هاتان الدولتان لكان التواجد العربي الإسلامي أقل من ذلك بكثير، والسبب في ذلك بوجه الخصوص يرجع إلى الحاكم المسلم يوسف بن تاشفين أعظم حكام دولة المرابطين، خاصة بعد معركة الزلاقة التي قال الأوروبيون عنها أنه لو استغلها يوسف بن تاشفين لخضعت كل أوروبا له آنذاك.
اشتهرت دول المغرب العربي بالعديد من المدن، وهي متوزعة بين المغرب وتونس والجزائر وليبيا ومن أشهر هذه المدن على الإطلاق هي مدينة فاس المغربية.
نبذة عامة عن مدينة فاس المغربية
تعتبر مدينة فاس إحدى أكبر مدن المملكة المغربية التي تقع في أقصى غرب الوطن العربي، حيث تعد هذه المدينة ثاني أكبر مدينة تقع داخل حدود المملكة المغربية من ناحية السكان فإن أخذنا المدينة نفسها فيبلغ عدد سكانها حوالي مليون وتسعمئة ألف نسمة، أما إن حسبنا عدد سكان هذه المدينة بالإضافة إلى عدد سكان المناطق التي تجاورها فإن عدد سكانها يكون قد وصل إلى ما يقارب المليونين تقريباً وربما أكثر وهذه الأرقام تعود إلى إحصائيات العام 2010 ميلادية، وهي مدينة تم تأسيسها في العام 172 من الهجرة النبوية الشريفة ( العام 789 ميلادية ) على يد المولى إدريس الأول والذي أسس الدولة الإدريسية، وقد سميت هذه المدينة بهذا الاسم بسبب أن مؤسسها المولى إدريس الأول عندما قدم إليها لأول مرة وأراد هو ومن معه أن يؤسسوا دولة في هذه المدينة ضرب ضربة في الفأس وهي اول ضربة ضربت على هذه الأرض إيذاناً ببدء أعمال بناء المدينة، ومن هنا جاءت التسمية أي بسبب ضربة الفأس الأولى على أرض هذه المدينة. تقسم مدينة فاس إلى ثلاثة أقسام رئيسية القسم الأول وهو المدينة الجديدة وتدعى بفاس الجديدة أما القسم الثاني فهو فاس القديمة وتدعى بفاس البالي وأخيراً القسم الحديث الذي أضافة الفرنسيون عندما احتلوا دول ومدن المغرب العربي في العصر الحديث. تقع هذه المدينة على مساحة تقدر بحوالي 500 كيلو متراً مربعاً في حين يبلغ ارتفاعها عن مستوى سطح البحر ما يقترب من 400 متر تقريباً.
تاريخ مدينة فاس
كما قلنا يعود الفضل في تأسيس هذه المدينة العريقة إلى إدريس الأول ( إدريس بن عبدالله ) في العام 789 ميلادية، حيث اختار موقع هذه المدينة ليكون قريباً من نهر فاس وتحديداً على ضفته اليمنى، وبعد أن انتهى الأدارسة من تأسيس هذه المدينة، بدأت العائلات القروية بالتوافد على هذه المدينة، حيث أسس القرويون أو أحياء في هذه المدينة واسمه حي عدوة القرويين، بالإضافة إلى القرويين توافد العديد من الناس مثل الأندلسيين والذين أسسوا حياً عرف باسم عدوة الأندلسيين واليهود الذين أسسوا حياً عرف باسم حي الملاح. وبعد انقضاء أجل المؤسس إدريس الأول، قام إدريس الثاني وهو ابن إدريس الأول بتأسيس مدينة أخرى، حيث أنه اختار لها موقعاً وهو على الضفة اليسرى من نهر فاس، لأنه وكما قلنا فقد كانت الضفة اليمنى لمدينة فاس التي أسسها إدريس الأول. عندما دخل يوسف بن تاشفين ودولة المرابطين إلى فاس أمر هذا القائد العظيم بتوحيد هذه المدينة ولم شرقها شمل يمين الضفة بشمالها، حتى أصبحت هذه المدينة قاعدة الدولة الحربية في الشمال المغربي، هذا عدا عن كونها أحد اهم المراكز العلمية والأدبية في المنطقة فقد ضمت هذه المدينة جامعة القرويين التي تم تأسيسها في العام 859 ميلادية، والتي كان الطلاب يقصدونها لينهلوا من معين علومها الذي لا ينضب من جميع أنحاء العالم.
تاريخياً أيضاً كانت مدينة فاس من أحد أهم محاور الصراع بين الأمويين الأندلسيين والفاطميين في توني وليبيا ومصر، وقد بقيت هذه المدينة تحت الحكم الأموي الأندلسي لمدة تعدت الثلاثون عاماً، وعند زوال نفوذ الامويين الأندلسيين حكم هذه المدينة أمراء زناتة، إلى أن استولت عليها دولة المرابطين ثم بعد ذلك أخذتها دولة الموحدين ثم وبعد ذلك أخذها بنو مرين والذين في عهدهم تم بناء فاس الجديدة. في العام 1649 ميلادية صارت فات مركزاً لدولة العلويين المغربية. حديثاُ وفي العام 1912 ميلادية أصبحت فاس عاصمة المملكة المغربية الحديثة ثم بعد ذلك تحويل العاصمة إلى الرباط المغربية ومنذ ذلك الحين هجر السكان هذه المدينة وخاصة اليهود مما أثر وبشكل كبير على هذه المدينة وخاصة من النواحي الاقتصادية للمدينة.
بماذا تشتهر المدينة العريقة
لقد أعجب مصمّموا المدن وبُناتها على مر الزمان بمدينة فاس، لهذا ومن فرط إعجابهم بها فإنهم تأثروا بها وبشكل كبير جداً عندما أرادوا تصميم المدن في أوقات لاحقة، فهذه مدينة القاهرة العاصمة المصرية العريقة، والتي تأثر من صممها بمدينة فاس فحاول إسقاط الجمال الذي رآه فيها على مدينة القاهرة، فكان هناك تشابه بالأبواب بالإضافة إلى احتواء القاهرة على جامعة عريقة وهي جامعة الأزهر كما احتوت فاس على جامعة القرويين.
تتميز فاس بالعديد من المميزات التي اشتهرت بها والتي من أبرزها الأبواب والأسوار، فمن أهم وأبرز أبواب المدينة باب الدكاكين وباب المحروق وباب الخوخة وباب الفتوح وباب أبي الجنود وباب الكيسة وباب سيدي بوجيدة وباب زيات وباب شمس وباب جبالة وباب السمارين وباب البرجة وباب أبي الجنود. حيث أن هذه الأبواب تعود في أصلها إلى زمن المرينين، وفي داخل أسوار المدينة يوجد ما يقارب العشرة آلاف بناية من الأبنية الأصلية التي بالإضافة إلى ما يقارب 70 كم من قنوات المياه، كما أن هناك العديد من النوافير والتي تصل في عددها إلى 4000 نافورة، بالإضافة إلى المنازل القديمة والأبواب المزخرفة والبساتين المختلفة. بالإضافة إلى ذلك فهناك العديد من المستشفيات المختلفة والمتنوعة والمتواجدة خارج الأبواب، كما أن هناك العديد من المساجد الأثرية التي اشتهرت بها والتي من أشهرها جامع القرويين وجامع الأندلسيين وجامع الحمراء وجامع الرصيف.
اشتهرت وتميزت فاس بالحركة العلمية والثقافية الكبيرة والمتنوعة بشكل كبير في هذه المدينة، وهي متحف حقيقي كبير لا زالت أدواته تستعمل وتعرض في آن واحد، حيث تحتوي على العديد من المعالم والرموز هذا عدا عن تاريخها العريق الممتد، لهذا فلا ضير من أن نقول عنها أنها متحف إسلامي وشاهد على العصور والتاريخ وبقعة هامة من أكثر بقاع العالم الإسلامي ازدهاراً.