الحجر الأسود
هو الحجر المميّز في الكعبة، وموقعه في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة، ويرتفع عن الأرض متراً ونصف، ومحاط بإطار فضي؛ لحمايته، وكان عبد الله بن زبير أول من أحاطه به قي سنة 1375هـ، والحجر الأسود عبارة عن حجر بيضاوي الشكل، ولونه أسود، ويتكون من عدّة أجزاء، وهو من أحجار الجنة حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إنَّ الرُّكنَ والمقامَ ياقوتَتانِ مِن ياقوتِ الجنَّةِ، ولولا أنَّ اللَّهَ طمَسَ نورَهُما ، لأضاءَتا ما بينَ المشرِقِ والمغرِبِ"، كما أنّ الحجر الأسود كان أبيض ناصعاً كالثلج، ولكنّ وجهه الخارجيّ اسودّ بسبب خطايا وذنوب بني آدم، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نزل الحجَرُ الأسودُ من الجنَّةِ، وهو أشدُّ بياضًا من الثَّلجِ، فسوَّدَتْه خطايا بني آدمَ".
لمحات من تاريخ الحجر الأسود
مرّعلى الحجر الأسود الكثير من الأحداث نذكر منها ما حدث عندما أعادت قريش بناء الكعبة، وأرادوا أن يضعوا الحجر الأسد فاختلفوا فيمن يأخذ شرف وضعه، ثم اتفقوا على أن يحكّموا من يدخل من الصفا، فدخل محمد بن عبد الله -رسول الله- وكان ذلك قبل البعثة، فصاحوا بأنه الصادق الأمين، وسيرضون بحكمه، فلمّا وضّحوا له نقطة خلافهم، طلب منهم الإتيان بثوب ففعلوا، وطلب من سيد كل قبيلة الإمساك بطرف الثوب، ووضع عليه الحجر الأسود فرفعوه، وعندما وصل إلى مكانه تناوله محمد ووضعه، ورضي الجميع بحكمه.
بقي الحجر في مكانه عهداً طويلاً من الزمن، ولكنّه تعرّض للتصدع عام 64هـ في الحرب التي شنّها الحصين بن النمير على ابن الزبير الذي اختبأ في الكعبة، وبعدها تمّت إحاطته بالفضة، إلى أن اعتمر هارون الرشيد ووجد الإطار الفضي قد رقّ ولان، فأمر بإحاطته بالألماس والفضة.
من أشهر الأحداث فيما يخص الحجر الأسود هي حادثة القرامطة وهم جماعة ملحدون، وقد اشتعلت فتنة كبيرة في ذلك الوقت، حيث هجم القرامطة على مكّة بقيادة سليمان بين أبي سعد القرمطي، وقتلو حوالي ثلاثين ألفاً من الحجيج، وجردوا الكعبة كساءها، وضرب سليمان الحجر الأسود فكسره، ثمّ بعد عدّة أيام عاد واقتلع الحجر من مكانه، وأخذه إلى بلده، وبقي الحجر عندهم اثنين وعشرين سنة حيث أعادوه في عام 339هـ، وقيل بأنّ الخليفة آنذاك ابتاعه منهم بخمسين ألف دينار.
لم يسلم الركن الذي هو موضع الحجر الأسود في غياب الحجر عنه، ففي عام 363هـ، وكان الوقت شديد الحر، ولم يكون يطوف بالكعبة سوى رجل أو اثنين، وإذ بأحد ممن يطوفون يحمل معولاً ويضرب به الركن فخفته، وهمّ عليه ثانيّة وإذ برجل من أهل اليمن طعنه فأرداه قتيلاً، وبعد أن تحقّق الناس منه وجدوه من الروم، وقد دفع له مبلغ كبير ليقوم بتحطيم الركن.