الدولة العثمانية
تعدّ الإمبراطورية العثمانية أحد أواخر الإمبراطوريات الكبرى في العالم، ومؤسّسها عثمان الأول بن أرطغرل الذي انتسبت الدولة إلى اسمه بعد تمكّنه من توحيد القبائل التركية وضمها تحت لوائه. استمرّت الدولة التي أسّسها ما يقارب ستمائة سنة.
امتدّت الأراضي التي ضمّتها الدولة العثمانية لتغطّي مساحات شاسعة من قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، ووصل عدد الولايات التابعة لها إلى تسعةٍ وعشرين ولاية، بالإضافة إلى السيادة الإسميّة على العديد من الإمارات والدويلات المتاخمة لها في قارة أوروبا، هذا إلى جانب السلطة الروحية التي تمتعت بها الدولة على ملايين المسلمين حول العالم لحصول حاكمها على لقب خليفة المسلمين أو أمير المؤمنين.
- أصيبت الدولة العثمانيّة بالضعف في الفترة التي تلت عهد السلطان سليمان القانوني، وبدأت في فقدان ممتلكاتها إلى أن وصلت إلى النهاية مع التوقيع على معاهدة لوزان التي أعلنت قيام الجمهوريّة التركية الحديثة.
سقوط الدولة العثمانية
بداية الانهيار
يُمكن اعتبار بداية نهاية الدولة العثمانيّة فعلياً في الوقت الذي تصاعدت فيه الحملات المناوئة لحكم السلطان عبد الحميد، وتزعمت المعارضة أحزاب وحركات قومية مثل تركيا الفتاة وجمعية الاتحاد والترقّي، وفي المقابل ظهرت قوى أخرى إسلامية مؤيدة للسلطان، في الوقت الذي بدأت الدولة فيه بفقدان بعض متتلكاتها الأوروبية، ممّا دفع السلطان إلى المناداة بما عرف بالجامعة الإسلامية وتوحيد راية المسلمين جميعاً تحت لوائه، إلّا أنّ تلك الفكرة لم تنجح بسبب تمرّد قوّات من الجيش، وانتهى الأمر بإعلان الدستور ومن بعده عزل السلطان عبد الحميد وتولّى من بعده أخيه محمد الخامس.
الحرب العالمية الأولى
كان اشتراك الدولة العثمانيّة في الحرب العالمية الأولى السبب الأول في فقدان معظم أراضيها خارج الحدود التركية الحالية، فقد دخلت القوّات العثمانية في معارك على عدّة جبهات دون وجود الاستعداد الكامل من حيث التسليح أو التدريب أو الإمدادات، فهزموا على الجبهة الشرقية من الروس، وجنوباً في مواجهة البريطانيين الذين استطاعوا احتلال ولايات ما بين نهري دجلة والفرات، ولم ينجح العثمانيون نجاحاً كبيراً إلا في الدفاع عن مضيق الدردنيل بقيادة مصطفى كمال أتاتورك الذي ذاع صيته بسبب تلك المعركة.
سقوط الخلافة
انتهت الحرب، وكان السلطان محمد الخامس قد توفّي قبلها بعدة أشهر، وتولى أخوه محمد السادس، وقد وقّعت الدولة العثمانية على اتفاقية هدنة في مودروس أدت إلى احتلال أغلب الأراضي التركية من قبل قوات الحلفاء، وقد رفض الأتراك في الداخل الخضوع لتلك الشروط المجحفة بحقهم، وقامت العديد من التظاهرات في الشوارع التي تحوّلت إلى حركة وطنيّة تزعّمها مصطفى كمال أتاتورك، وعرفت بالحركة الكمالية.
تمكّنت الحركة من تشكيل حكومة وطنية برئاسة مصطفى كمال، كانت تهدف إلى إقامة دولة تركيّة مستقلة، ولم يفلح السلطان في القضاء عليها رغم محاولاته العديدة، وما لبث السلطان أن تنازل عن العرش لأخيه عبد المجيد الثاني الذي جرّد من السلطة وظلّ الحاكم رسمياً حتى ألغيت الخلافة عام 1924م، وطرد السلطان عبد المجيد من البلاد.