الحياة الإنسانية
كانت الحياة الإنسانيّة قبل مجيء الإسلام حياةَ يتخبّط أفرادها في غياهب الضّلالات وظلمات الشّرك، وقد كان منطق القوة والقبليّة يحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم مع بعضهم البعض، فلقد كانت القبائل العربيّة وغيرها تتناحر فيما بينها وتتقاتل لأهونِ الأسباب، فحرب البسوس مثلاً التي استمرت ما يقارب أربعين سنة كان سببها أنّ ناقةً داست بأقدامها بيضة لطير القبّرة، وكذلك كانت حرب داحس والغبراء.
ولقد ساهمت البداوة وظروفها الصّعبة أحيانًا كثيرة في إكساب النّاس صفات الهمجيّة وعدم الرّحمة، فقد كان همّ كثيرٍ من القبائل أن تعيش في مأمن وعيش كريم؛ حيث يتوفّر الماء والكلأ بدون التّفكير في بناء علاقات حسنة مع القبائل الأخرى، ويمكن القول أنّ جميع جوانب الحياة الفكريّة والإجتماعيّة والإنسانيّة والعلميّة كانت سوداء قاتمة، باستثناء قلّة من النّاس الذين تمسّكوا في عقيدتهم بدين الحنيفيّة السّمحة، وهو دين إبراهيم عليه السّلام، فتعرف على ما هى أبرز جوانب الحياة ما قبل الإسلام ؟
الحياة ما قبل الإسلام
كانت القبائل في فترة ما قبل الإسلام يغزو بعضها بعضاً، وقد كانت الحرب بدون ضوابط أخلاقيّة، فقد كانت تسمح للمتغلّب أن يقتل وأن يسرق وأن يسبي النّساء والذّراري بمنطق متوحّش، بعيد عن أيّ معنى من معاني الإنسانيّة، أمّا بالنّسبة لأعمال النّاس وتكسبهم فقد كان كثيرٌ منهم يرعى الإبل والأغنام، كما اشتغل عددٌ منهم بالتّجارة، وعلى الصّعيد الفكري والعقدي فقد مثّل أظلم جوانب الحياة الإنسانيّة حيث كانت القبائل تتخذ أصنامًا تصنعها بيدها وتعبدها من دون الله تعالى، حتّى وصل عدد الأصنام حول الكعبة إلى ما يقارب من ثلاثمائة صنم.
وقد كان النّاس قبل الإسلام يتطيّرون ويتشاءمون، فعندما كان يهمّ أحدهم بسفرٍ أو عمل معيّن كان يضع طيراً ثمّ يحرّش بينها فتطير، فإذا طارت باتجاه اليمين تفاءل بذلك واستبشر ومضى في أمره، وإن طارت باتجاه الشّمال تشاءم بذلك ونكص على عقبيه فلم يعزم، كما أنّهم كانوا يتشاءمون من صوت الغراب والبومة.
المرأة ما قبل الإسلام
وبالنّسبة لنظرة النّاس إلى المرأة قبل الإسلام فقد كانت نظرة دونيّة غاية في الاحتقار والابتذال، فقد عومِلتْ المرأة كما يعامل المتاع، فإذا مات عنها زوجها مثلاً كان أولياء الرّجل أحقّ أحيانًا بها من أهلها، إلى جانب أشكال النّكاح الغريبة التي عبّرت عن عقليّة تحتقر المرأة وتهينها، حتّى حرمتها من الحياة أحيانًا في سلوك الوأد في التّراب، خوفًا من الفقر والعار .
ولقد جاء الإسلام بتباشير النّور ليبدّد ظلمات السّلوك الإنساني التي سادت لفتراتٍ طويلة، وليأصّل أخلاقيّات التّعامل الإنساني، وتسود شريعة كاملة شاملة تحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم مع بعضهم البعض .