لم يعرف العالم كلّه بكافّة أعراقه ومعتقداته قصّةً كقصّة نوح مع قومه، وقصّة الطوفان الّذي جاء على قومه فقضى عليهم بقدرة الله تعالى. ومن هذا الانتشار الواسع وبشكل كبير جداً لهذه القصة، فقد شابتها العديد من الأساطير المختلفة، التي عملت على تزييف الحقيقة والواقع. وممّا أثر على الشكل الحقيقي لهذه القصة العظيمة، هو تعنّت رجال الدّين، وعدم محاولتهم فهم هذه القصّة في ضوء الحقائق العلميّة المكتشفة حديثاً، الأمر الّذي أدّى إلى عزوف العديد من المتنوّرين ومن المثقفين عن روايات رجال الدّين؛ بل وعن الدين نفسه في بعض الأحيان.
نوح عليه السلام
في السلسلة التي ينتسب نوح إليها نجد أنّ هناك اثنين من أجداده ممّن يعدّهم الكثيرون من الأنبياء، وهما أخنوخ (إدريس)، بالإضافة إلى آدم – عليهم السلام جميعاً -؛ فهو نوح بن لامك بن متيوشلخ بن أخنوخ بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم. إلّا أنّ قوم نوح غير معروفي النسب. يعتبر نوح – عليه السلام – رسول الله الأوّل إلى هذه البشرية.
أين عاش قوم نوح؟
ذكرت التوراة أنّ سفينة نوح التي صنعها بناءً على أوامر الله تعالى لتحمله ومن آمن معه وتنجيهم من الطوفان أثناء حدوثه، قد رست واستقرّت على جبل آرارات، وجبل آرارات هو الجبل الموجود في تركيا. وقد قام عدد من المتخصّصين بتسلّق هذا الجبل في سعيهم إلى اكتشاف السفينة، إلّا أنّ هذه الحملة باءت بالفشل. ومع التطور التقني الكبير، تمّ التقاط عدد من الصور لبقعة اعتقد أنّها هي السفينة، ولكن وبعد تمحيص هذه الصور وتدقيقها لم يتم اعتمادها وإثبات صحة محتواها. في المقابل ورد ذكر مرسى سفينة نوح في القرآن الكريم؛ حيث ذكر القرآن أنّ السفينة رست على جبل الجودي الواقع في تركيّا أيضاً، قريباً من العراق وسوريا.
من هنا فقد ذهب بعضهم إلى أنّ الموقع المحتمل الذي تواجد فيه قوم نوح وعاشوا فيه وحدثت فيه أحداث القصة هو العراق، إلّا أنّ هذا لا زال مجرّد احتمال، ولكن وإلى جانب ذلك فقد كانت هناك احتمالات أخرى افترضت أنّ قوم نوح كانوا قد عاشوا في المناطق الآسيويّة وهي: بلاد الشام، وتركيا، بالإضافة إلى العراق كما ذكر، وكلّ هذه المناطق التي تمّ افتراض أنّها هي ذات المناطق التي تواجدوا فيها كلّها تقع بالقرب من تركيا، وبالذات قرب جبلي آرارات والجودي. ولا يزال لغز قوم نوح والسّفينة خاضعاً للبحث والفحص.