حينما قرر الرئيس الراحل أنور السادات الصلح مع اسرائيل ، كانت لديه القناعة بأن النصر الذي حققته حرب أكتوبر عام 1973 رد اعتبار وكرامة الأمة التي استباحتها نكسة عام 1967 ، وفي الوقت ذاته كان يدرك أن حربا أخرى لن يسمح لها أن تكون ، أو نصرا آخر يعزز ما حققته الحرب الأخيرة ، وعليه واذا ما أراد مواصلة الصراع ضد اسرائيل لاستعادة أراضيه المحتلة عليه أن يسلك طريقا آخر غير الحرب في ظل انعدام البدائل والخيارات في المدى المنظور ولكي يتجنب التصادم مع ارادة المجتمع الدولي ، وبعد تفكير عميق وجلي وصولات وجولات في الأقطار العربية ، قرر السادات تجاوز نظرية العلاقة المحرمة بين العرب واسرائيل ، وأنه من أجل حدوث ذلك لا بد من أن يفتح فصلا جديدا في هذه العلاقة تكون مبنية على أساس الحوار من أجل السلام . وفي خطابه الشهير أمام مجلس الشعب عام 1977 خاطب العالم أنه على استعداد للذهاب الى الكنيست الاسرائيلي لانهاء حالة الحرب وعارضا في الوقت ذاته الأرض مقابل السلام ، غير أن هذا المشروع في حد ذاته كان مغامرة لموقع مصر ومقامرة في زعامته لأكبر دولة عربية وكونه أول من يكون قد شق عصا الطاعة في وجه الموقف العربي الرافض للصلح والتطبيع مع اسرائيل على هذا النحو ولكنه واصل طريقه الوعر بل سار أكثر في مفترق الطرق ووسائل الى الحواف الأكثر وعورة ، ونجح في تجاوز الصعوبات وسمح لهذه العلاقة أن تصبح واقعا وتوثقت بالتجارب اتفاقا واختلافا ، غير أنها بقيت موصولة وترسخت من خلال اعلان المبادئ لاتفاقية السلام التي جرى التوقيع عليها في منتجع كامب ديفيد في واشنطن بتاريخ 17/9/1978 من قبل الرئيس أنور السادات ورئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن والرئيس الأمريكي جيمي كارتر ، وجاءت ثمرة جهد مضني من المباحثات والمفاوضاتبعد تذليل للعقبات المستعصية ، توصل الطرفان الى النصوص النهائية للاتفاقية التي تم التوقيع عليها في حديقة البيت الأبيض بتاريخ 26/3/1979 . هذه الاتفاقية اشتملت على وثيقتين : الوثيقة الأولى (اطار السلام في الشرق الأوسط ) وتضمنت التسوية الشاملة والمستندة الى قراري مجلس الأمن 242 و 338 أ- الضفة الغربية وقطاع غزة : 1-اتفاق مصر واسرائيل والأردن على اقامة حكم ذاتي لسكان الضفة الغربية وغزة . 2- اتفاق مصر واسرائيل والأردن على وسائل اقامة سلطة الحكم الذاتي المنتخبة في الضفة والقطاع . وانسحاب القوات الاسرائيلية وستكون هناك اعادة توزيع للقوات الاسرائيلية التي ستبقى في مواقع امنية معينة . ب-مصر واسرائيل تتعهد كل من الدولتين بعدم التهديد بالقوة أو استخدامها لتسوية النزاعات ، وأن يوافق الطرفان من أجل تحقيق السلام على التفاوض الوثيقة الثانية : 1- انهاء حالة الحرب بين الطرفين واقامة سلام بينهما ويتم تبادل التصديق على هذه المعاهدة . 2- انسحاب القوات الاسرائيلية الى ما وراء حدود مصر الدولية . 3- اقرار الطرفين لسلامة أراضي الطرف الآخر واستقلاله السياسي. 4-تتمركز قوات دولية في المناطق المحددة ولا تنسحب الا بقرار من مجلس الأمن . 5- تتمع السفن الاسرائيلية والشحنات المتجة منها واليها بحق المرور الحر في قناة السويس .