إنّ الزنا هو من كبائر الذنوب، بل هو من أكبر الكبائر، حيث جاء النهي عنه والوعيد الشديد لمرتكبه في الكثير من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة، حيث قال ربنا تبارك وتعالى: { وَلَا تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً {[الإسراء: 32]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... » [أخرجه البخاري ومسلم]، ومعنى هذا الحديث أن الإيمان الكامل يرتفع عند من يقع في الزنا، فالذي يقع في الزنا هو مؤمن ناقص الإيمان، فإذا ضعف الإيمان ونقص في قلب المؤمن، فإنه لن يَتَوَرَّع عن الوقوع في الزنا وغيره من كبائر الذنوب، على عكس الإيمان الكامل، فإذا كان الإيمان تاماً وكاملاً في قلب المؤمن، فإن هذا الإيمان سيمنعه من الوقوع في الزنا وغيره من كبائر الذنوب، فهذا هو المعنى الصحيح للحديث الذي سبق ذكره، فالحديث لا يعني - كما قد يتوهم بعض الناس - بأن الزاني إنتعرف ما هو كافر وخارج عن ملة الإسلام، فالزنا لا يكفر المسلم بمجرد ارتكابه.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن الزنا هو من الذنوب التي لها حدٌّ شرعي، حيث إن له عقوبة مقدرة جاء النص عليها في بعض النصوص الشرعية، فالزاني غير المحصن يجلد مائة جلدة، أما الزاني المحصن، فإن عقوبته هي الرجم حتى الموت، وعقوبتا الجلد أو الرجم لا تطبق كل منهما إلا إذا رُفَعَ أمر الزاني أو الزانية إلى القاضي، وثبتت هذه الجريمة عليه أو عليها بالإقرار أو بشهادة أربعة شهود عدول.
والزنا ليس من الذنوب التي جاء تخصيصها بكفارة محددة، مثل: الصيام، أو إطعام المساكين، أو ما شابه ذلك، ولا كفارة له إلا التوبة النصوح الصادقة، والتي تتم بالرجوع عن هذا الذنب، وتركه تركاً مطلقاً، والاستغفار منه، والندم على فعله، والعزم على عدم المعاودة إليه، والإكثار من الأعمال الصالحة. فإذا زنا المسلم، فإن عليه أن يستتر وألا يفضح نفسه، ثم عليه أن يتوب توبةً نصوحاً، وأن يحقق شروط هذه التوبة، فإن تاب هذه التوبة، تاب الله عليه، وغفر له، أما إذا لم يتب ومات وهو على هذه الحالة، فإنه تحت مشيئة رب العالمين، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له. وعلى المسلم الذي وقع في فاحشة الزنا أن يسارع فوراً بالتوبة النصوح، فحتى تأخير هذه التوبة هو ذنب تجب التوبة منه، فَتَنَبَّه أيها العاصي، واحذر من التسويف في التوبة.