إنّ أهم العبادات و أقربها الى الله تعالى هي عبادة الصّلاة ، فهي الصلة بين العبد و ربه ، و هي الأساس المتين الذي تبنى عليه سائر الأعمال ، و هي أول الأعمال التي يسأل عنها العبد يوم القيامة فإذا حفظها و داوم عليها حفظه الله و إذا ضيعها فلينتظر حسابا عسيرا – و العياذ بالله - ، وأيّنا يستطيع أن يتواصل مع أخيه في الحياة الدنيا بدون وسيلة اتصال كالهاتف مثلا و لله المثل الأعلى فما فرضه الله تعالى على عباده من حظّ الصّلاة لهو كفيل بإسعاد البشرية و توثيق صلتها بالله تعالى فتستبين طريقها و تستبصر درب نهضتها بمنهج واضح جليّ .
و قد فرض الله تعالى على أمّة سيّدنا محمد صلى الله عليه و سلم خمسين صلاة في اليوم حين عرج النّبي الى السماء في ليلة الإسراء و المعراج ثم خفّفت ركعاتها حتى وصلت الى ما وصلت اليه ، خمس صلوات في اليوم و الليلة فقد أدرك النّبي عليه الصلاة و السلام أنّ هذه الأمّة لن تطيق خمسين صلاة و كل ذلك من رحمة الله سبحانه و تعالى فلا يكلف سبحانه نفسا إلاّ وسعها .
و قد اختلفت الأئمة اختلافاً بسيطاً في حكم تارك الصلاة و قد أجمع العلماء على كفر تارك الصلاة جحوداً بها و إنكاراً لها أّمّا من تركها تكاسلاً مع علم وجوبها بأنّ تكاسل عنها حتى أتى موعدها فلم يصلي فمنهم من كفّره إنطلاقاً من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم " بين الرجل و الكفر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر " فلم يحدّد الرّسول عليه السلام سبب ترك الصلاة فالسّبب عام هنا أي من تركها تكاسلا أو جحودا سواء عند هذا المذهب ، و منهم من رأى أنّه يقتل حدا و من رأى أنّه يقتل ردة و كفرا بعد إيمان ، و كل هذه الآراء حقيقة تراها شديدة عنيفة على نفوس من ترك الصلاة و لا تدل إلاّ على عظمة و قدرهذه العبادة عند الله سبحانه ، و قد قاتل خليفة رسول الله أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – من منع أداء الزكاة و هي من فرائض الإسلام و لكنها لا تتقدِّم على الصلاة التي هي أهم العبادات ، قال تعالى ينعي من ترك الصلاة و اتبع شهواته و حظوظ نفسه " فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا " (مريم:59-60 ) .