بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أمّا بعد،
جاء تعريف ومعنى الحد في اللغة بمعنيين: أولهما: الشيء الذي يفصل بين شيئين، وثانيهما: طرف الشيء، حيث يقول صاحب لسان العرب: « الحد: الفصل بين الشيئين لئلا يختلط أحدهما بالآخر، أو لئلا يتعدى أحدهما على الآخر، وجمعه حدود. وفصل ما بين شيئين: حد بينهما، ومنتهى كل شيءٍ: حده. » [راجع: لسان العرب].
أمّا عن تعريف ومعنى الحد في الاصطلاح الشرعي فهو: العقوبة التي تكون مقدرة في الشرع، وسميت هذه العقوبة بالحد؛ لأنها تكون مانعة ورادعة من الوقوع في تلك المحرمات، فهي كالحد الذي يحول بين شيئين.
وقد قدر الشارع الحكيم الحدود الشرعية للعديد من الجرائم والمخالفات، وهذه الحدود هي على النحو التالي:
ولسنا بصدد الخوض في كل هذه الحدود والتفصيل فيها، وإنما سنتكلم عن أحدها، وهو حد الحرابة.
الحرابة مأخوذة من الحَرَبْ، بفتح الحاء والراء، ومعنى الحَرَبْ عند أهل اللغة: هو سلب المال، فإذا قيل فلانٌ حَرَبَ فلانًا؛ أي سَلَبَ ماله، والحرابة في الاصطلاح الشرعي: هي قيام طائفة مسلحة بإحداث الفوضى، أو القتل، أو النهب والسلب، أو الإرهاب، أو هتك الأعراض، اعتمادًا على القوة، وتُعْرف الحرابة أيضًا بـ (قطع الطريق).
وقد اعتمد العلماء في بيان حد الحرابة على هذه الآية الكريمة: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [المائدة: 33].
ومن العلماء من يقول: أن للإمام أن يحدد العقوبة في الحرابة بناءً على الآية على سبيل التخيير، ومنهم من يقول بأن يجب أن يحدد العقوبة بناءً على الآية على سبيل الترتيب لا التخيير، فيكون حد الحرابة مبنيًا على نوع الجريمة التي ارتكبها ذلك المجرم، ويكون هذا الترتيب على النحو التالي:
والله أعلم.