ينتظر المسلمون في كلّ عامٍ قدوم شهر رمضان ، فشهر رمضان شهر بركةٍ وخيرٍ أنزل الله فيه القرآن هدىً للنّاس ، وقد فرض الله على المسلمين صيام هذا الشّهر الفضيل تزكيةً لنفوسهم وتطهيراً ، فرمضان شهرٌ أوله رحمة حيث تتنزّل الرّحمات وأوسطه مغفره تغفر فيها ذنوب العباد وآخره عتقٌ من النّار وفلاح ، فهو فرصةٌ ثمينةٌ للمسلم لزيادة الحسنات والرّفعة في الدّرجات واجتناب المنكرات وفعل الطّاعات ، وهو شهرٌ نصر الله فيه عباده المؤمنين في مواطن كثيرةٍ فهو شهر الفتوحات والإنتصارات ، ورغم أنف امرىءٍ أدركه ثم انسلخ عنه ولم يغفر له كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
و إنّ في شهر رمضان ليلةً هي خير الليالي بل هي خيرٌ من ألف شهرٍ ، فليلة القدر التي أنزل فيها القرآن نوراً وهدايةً للبشريّة ، وهي ليلةٌ أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المسلمين أن يتحرّوها في العشر الأواخر من رمضان وفي روايةٍ في الوتر من العشر الأواخر ، وفي روايةٍ أنّها ليلة السّابع والعشرين وما يندب المسلم له تحرّيها في العشر الأواخر والإجتهاد في ذلك دون تعيين ، وكان النّبيّ الكريم إذا جاءت العشر الأواخر شدّ مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله حرصاً على إدراكها فهي التي إذا قامها المؤمن إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه .
إقرأ أيضا : في اى يوم ليلة القدر
و يستحبّ الدّعاء في ليلة القدر والصّلاة والتّصدق وسائر العبادات ، ومن الدّعاء المأثور في هذا اللّيلة قول العبد اللّهم إني أسألك العفو والعافية .
أمّا علامات و دلائل هذه الليلة فما صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو طلوع الشّمس من صبيحتها بضوءٍ خافتٍ بدون شعاع ويحتمل أنّ ذلك بسبب نزول الملائكة وصعودها في هذا اللّيلة واختلافها بأجنحتها ممّا يحجب ضوء الشّمس قليلاً والله أعلم ، أمّا ما سوى ذلك من العلامات و دلائل كعدم نباح الكلاب وسجود أوراق الأشجار فلا صحّة لها ولا يوجد في الأثر ما يدعمها ، فالمسلم قد يكرمه الله بإدراك ليلة القدر فيشعر بها في قلبه سكوناً ورحمةً وكلّ ذلك لا يتأتّى إلا بالاجتهاد في طلبها وإدراكها ، ولذلك لم يحدّدها الله عزّ وجل وإلا اتكل النّاس واكتفوا بهذا اليوم المعيّن للصّلاة والدّعاء ونسوا غيره من الأيام .
