الجنّة
الجنة أمرٌها عظيم ، فهي جزاء المتقين ، ودار المرسلين ، جعلها الله دار الجزاء ، فهي جائزةُ من فاز بامتحان الدنيا ، وليست عظمتها فيما فيها من الملذات والنعيم فقط ، بل عظمتها برؤية الله عز وجل فيها ، وقد جعل الله عز وجل وسائل للفوز بالجنة والنجاة من النار ، فأبواب الخير كلها إنْ قصد فيها وجه الله عز وجل تعدُ طريقاً إلى رضاه والفوز بجنته ، فللفوز بالجنة لا بد للحسنات أن ترجح بالسيئات .
تقسم الأعمال إلى قسمين
- أعمال القلب : والتي لا يَطّلِعُ عليها إلا الله عز وجل وتظهر دلالاتُها وآثارها على الجوارح لامتثالِها أمر القلب .
- أعمال الجوارح : والتي ظاهرها الخير ، وتظهر للعيان ،ويحكم على الإنسان منها .
وللفوز بالجنة والتقرب إليها بالأعمال فلا بد لها من شروط
- أن تكون النية خالصة لله عز وجل لا يشرك فيها أحد ولا يراد بها غير الله أحد وهذا هو الجزء القلبي منها .
- أن تكون هذه الأعمال كما يريد الله عز وجل ويرضى ،فيجب أن تكون موافقة للكتاب والسنة .
فيشترط لقبول العمل أن تكون النيةُ صحيحةً والعملُ صحيحاً ولا يغني أحدهما عن الآخر ،فإن صَلُحَتْ النية وفسد العمل نقول أفسدَ العملُ النية ، وإذا صَلُحَ العملُ وفسدتِ النية نقول أفسدت النية العمل .
الأعمال التي تدخل الناس الجنة
- القيام بأركان الإسلام على أكمل وجه ،وهي الشهادتين والصلاة ،و الزكاة ،وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا .
- القيام بأركان الأيمان كلها بدون استثناء ،وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقضاء والقدر خيره وشره واليوم الآخر .
- الصلاةُ على وقتها ، والمحافظة على صلاة الجماعة .
- ذكرُ اللِه عزَ وجل ،فالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير هن الباقيات الصالحات .
- أذكار الصباح والمساء والأذكار بعد الصلوات المكتوبات .
- بر الوالدين ،فقد رتب الله له جزاء عظيما فهما باب من أبواب الجنة .
- الجهاد في سبيل الله حيث أن الإنسان يضحي بنفسه وماله لله عز وجل فتخيل عظم الجزاء مقابل هذا العمل ، ومنه أيضا جهاد النفس وهواها .
- المحافظة على الأدعية والأوراد الثابتة في السنة حال الأفعال والحاجات اليومية .
- طلب العلم وتعليمه للناس ، فالله عز وجل يرفع أهل العلم درجات ترفعه إلى الجنة .
- الدعوة إلى الله عز وجل ، والدال على الخير كفاعله ، وهي وظيفة الأمة المحمدية ، وهي وظيفة الرسل الأولى التي كلفهم الله بها ،ورفعهم بها أعلى الدرجات ،وجعل جزائهم الجنة ، فتخيل إذا كتب الله لك أن يدخل احدهم الإسلام على يديك ، وتُسْلمَ ذُريَته من بعده إلى قيام الساعة بسببك ، فلك مثلُ أجورهم إلى يوم القيامة ، وللدعوة إلى الله عز وجل صور كثيرة ولا اقصد بها جماعة إسلامية معينة ، فالدعوة تكون في البيت والمدرسة ، والشارع ، والأسواق ، وتوزيع الشريط أو الكتاب أو المطوية الإسلامية التي تدعوا إلى الخير، واحسن وأفضل وسيلة للدعوة إلى الله عز وجل تكون بالتحلي بأخلاق الإسلام .
- صلة الأرحام فإن لها أجورا عظيمة تظهر فالدنيا قبل الآخرة فهي بالدنيا سبب لزيادة الرزق وطول العمر ونزول البركة على صاحبها .
- كفالة اليتيم فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بأن كافل اليتيم رفيق له بالجنة وقريب منه عليه السلام كقرب السبابة من الوسطى.
- قيام الليل ، فهو الصلة التي تجمع الله عز وجل مع محبيه الذين تركوا نومهم لمحبته ،حيث ذكرهم الله بأنهم يتقلبون في نومهم ويتركونه لأجله ، ليدعونه خوفا منه وطمعا في ثوابه .
- الصدقات وخصوصاً صدقة السر فإنها تطفئ الخطايا كإطفاء الماء للنار .
- بناء المساجد فمن بنا لله مسجدا ولو كموضع طائر بنا الله له بيتًاً في الجنة .
- العمرة لله ، فالعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما .
- تجديد التوبة لله عز وجل في كل وقت فمن تاب لله قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه .
- إحسان الوضوء ، والمحافظة على الدعاء الوارد بعده لقوله صلى الله عليه وسلم ((من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني المتطهرين ، فتحت له أبواب الجنة يدخل أيها شاء )) رواه مسلم ، والمحافظة على ركعتين بعده .
- رفع الآذان ، فالمؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة فهم أقرب لرحمة الله عز وجل ، وكذلك الترديد خلف المؤذن والصلاة على النبي عليه السلام بعد الآذان والدعاء له بالوسيلة ، فجزاءه شفاعة النبي عليه السلام والتي فيها الجنة .
- الصلاة في المساجد الثلاث وهي المسجد الحرام ومسجد النبي عليه السلام والمسجد الأقصى فإن الصلاة فيها مضاعفة عن غيرها في الفضل والأجر .
- المحافظة بالتبكير للمسجد والذهاب إليه على طهارة لأجر الطرق وخطوات ، والمحافظة على الصف الأول فإن له فضلا أشار إليه النبي عليه السلام بأن الناس لو أرادوه لاستهموا عليه .
- الحفاظ على اثنتي عشرة ركعة غير الفريضة فجزاؤها بيت في الجنة .
- الجلوس من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس حسناء بمقدار رمح وصلاة ركعتين فله أجر حجة وعمره كما ورد بالحديث الذي حسنه العلامة الألباني .
- الصلاة على الأموات وأتباع الجنائز فمن صلى على جنازة له قيراط وهو الجبل العظيم ومن تبعها حتى تدفن له قيراط آخر .
- القيام بصلاة العيد وخصوصا أن الأمر بها على الوجوب .
- حسن الجوار وعدم الإساءة لهم فقد ورد بالأثر عن امرأة تصوم وتصلي ولكنها تؤذي جيرانها فأخبر النبي أنها من أهل النار .
- إماطة الأذى عن الطريق فهو شعبة من شعب الإيمان وقد اخبر النبي عليه السلام عن رجل كان يتقلب بشجرة بالجنة كان قطعها من طريق الناس .
- التزام الصدق بالقول والعمل فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة .
خاتمة
هناك الكثير من الأعمال التي تقود إلى الجنة وتُنْجِي من النار ، ولا ننسى باب المحرمات ، وحدود الله عز وجل إذا اجْتُنِبَتْ كان عليها الجزاء من الله عز وجل ، فحين لا يسرق المسلم ولا يكذب ،ولا يخون ، ولا يقتل ،ولا يؤذي جيرانه ،ويغض بصره ،ولا يأكل الربا ،ولا يغش ،ولا يشرب الخمر ،ولا يزني ،ولا يأكل الميراث ،ولا يقطع الرحم ،ولا يسيء الجوار ،فيأتمر بأمر الله وينتهي بنهيه فهو له به أجر .
وإذا قصد المسلم من أكل الحلال والعمل به وجه الله كُتب له به أجر ،حتى الزوج إذا جامع زوجته كُتب له بذلك صدقة فحين سُئل النبي عن هذا أجاب بأنه لو وضعه بالحرام لكُتب عليه سيئة وهذا من عدالة الإسلام ،وننبه إلى أمر قد اشرنا إليه ،أولا بأن الإخلاص لله عز وجل في كل هذه الأعمال هو الأساس بالقبول وعلى قدر الإخلاص يكون الأجر من الله .