خلق الله الإنسان بطبيعة تختلف عن الحيوان، فالإنسان لا يختلف عن الحيوانات في الشكل فقط، وليس بالعقل الذي منحه الله إياه وحسب؛ بل بإحساسه الذي يدمج بين روحه وعقله فتتكون شخصيته التي يحيا عليها، وإذا فكر يومًا بتغيير شخصيته يجب عليه لزامًا تغيير شيء مما يشعر فيه تجاه الأشياء فتتغير شخصيته تباعًا لها بالاستمرار والتواصل على العمل عليها.
لذلك يدخل عالم تحليل الشخصية الكثير من الناس بل وأغلبهم يدخلونه بطريقة غير مباشرة، فعندما تطلق بعض العبارات وكلمات وعبارات التهكمية أو غيرها ضد شخصٍ ما فإنه يفكر مليًا فيما قيل عنه ويقارن ما قيل بتعرف ما هو عليه، وهذا أول مدخل من مداخل تحليل الشخصية؛ لكن هناك من يستمر لمعرفة السبب ومعرفة التفاصيل ومراجعة ومحاسبة الذات، وهناك مَن لا يهتم لذلك وهذا أساس الفرق بين الأشخاص الذين ينمّون ذواتهم دائما وتكون شخصياتهم متقدمة ومتميزة عن غيرهم، وبين الآخرين الذي لا يمكلون عملًا سوا التبعية لغيرهم.
ومن الجدير بمعرفته عند تحليل شخصية الإنسان هي معرفة الظروف المحيطة به، فالإنسان كائن حي والكائنات الحية من طبعها التكيّف وهو علم كبير في عالم الأحياء، فالظروف التي يعيشها إنسان في الريف تختلف عن إنسان يعيش في المدينة، وكذلك بالنسبة لطموحاتهم وآمالهم وطريقة تفكيرهم ونمط حياتهم، فلا يصح قياس تحليل شخصية لطفل في عمر التاسعة فقط مجردًا بعمره دون وضع حدود لهذا التحليل من حيث البيئة والوضع الاجتماعي والاقتصادي ومكان المعيشة،فكلها تؤثر على شخصية الإنسان وبالتالي تؤثر على وضع اختبار تحليل الشخصية. فعندما تكون هناك قواعد ثابتة لتحليل الشخصية مصحوبة بكل تفاصيها تكون كفّتي الميزان عادلة، فإذا زادت الكفة الأولى تأرجحت الثانية ، ومنها تخرج أحيانًا بعض الشواذ ، والشواذ تؤكد القاعدة لا تلغيها، وهذه النتائج الشاذة تعبر عن اختلاف الشخصيات فليس كل فقير جاهل وليس كل غني مثقف ومتعلم، فكم من فقراء كسروا هذه النظرة بإصرارهم وإرادتهم وعملوا جيدًا على شخصياتهم ليصلوا لأهدافهم؛ فنجد أن شخصيتهم تتمثل بكثير من الأشياء لا يمكن أن تقاس بظواهرها.
فعند إجراء تحليل شخصية وظهرت نتيجته أن هذا الشخص عاطفي جدًا، ونظرنا للظروف الت يعيش فيها ربما نجد أنه فاقدٌ للكثير من الحنان والعطف، أو عندما نجد النتيجة أن الشخص عصبي ونرجع لظروف معيشته فنجد المشاكل وعيوب العائلية والانتقادات الكثيرة التي تملأ حياته، وعندما نجد إنسان مميز عقلاني في كثير من جوانب حياته عاطفي فيما يلزم ونشعر بالتوازن الحقيقي في شخصيته؛سنجد حتمًا أن عاش حياة تختلف عن الباقي سواء كانت هذه الحياة التي نشأ عليها منذ صغره أو هذه الحياة التي صنعها بيديه ليحيا هكذا.
لذا فقبل الخوض في اى اختبار لتحليل الشخصية، يجب أن يكون بين الشخص ونفسه جلسة محاسبة صغيرة ووضع النقاط الأساسية في حياته والخطوط العريضة لأهدافه وكيف يعيش، وتعرف على ما هى أكثر المعوقات التي تواجهه وتؤثر سلبًا أو إيجابًا على شخصيته؛ عندها سيصل لنتيجة مشابهة لأي اختبار ممكن أن يجريه مع موضوعية أكثر كلما كان موضوعيًا في تحديد ذاته وأهدافه ومشكلاته.
تحليل شخصية الإنسان هو عمل مهم للفرد وللمؤسسة وللجماعات، فعند معرفة شخصية الأفراد الذين نتعامل معهم؛ ستتضح أمور كثيرة ونتخطى عقبات كثيرة، فهو علم كبير مهما تم تحديده، و يبقى في اتساع وتنوع مهما تم تحييده أو تجريده.