محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو النبي الذي بشر به كل الأنبياء الذين كانوا من قبله، فكل رسول كان يبعثه الله تعالى إلى قومه يقول أنه سيأتي نبي في آخر الزمان أسمه محمد يحمل رساة الله الخاتمة إلى البشرية جمعاً وأنّ الإسلام به واجب، وقد أرسل الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في زمن كانت الدنيا فيه تعيش في ظلمة حالكة وفي جاهلية صماء، حيث كان الناس يعبدون الأصنام ويسفكون الدماء، وكانوا يدفنون البنات أحياءاً خوفاً من العار، وكان الظالم يتبجح بظلمه، فكان أن سطع نور الغسلام ليتمم مكارم الأخلاق، ويرد الحقوق إلى أصحابها، ويخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وحده لا شريك له.
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو نبيٌ عربيٌ من بني هاشم، أعرق بطون مكة نسباً وشرفاً، وقد بعثه الله تعالى بالرسالة حين أتم الأربعين من عمره أثناء زواجه من أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وقد رزق الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من زوجته خديجه ومن زوجاته أمهات المؤمنين سبعة من الأبناء؛ ثلاثة ذكور وأربع إناث، أما الأبناء الذكور الذين سنتحدث عن الحكمة من وفاتهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فهم القاسم وهو الإبن الاكبر للنبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يكنى به الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي القاسم، وقد رزق النبي صلى الله عليه وسلم ولده القاسم من زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فهي أم القاسم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم، والإبن الثاني للنبي صلى الله عليه وسلم هو عبد الله وأمه أيضاً هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنهان والإبن الثالث هو ابراهيم وقد رزقه الله تعالى هذا الولد من زوجته ماريا القبطية، ويكنى ابراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم بالطاهر والطيب، أمّا البنات الإناث فهن زينب رضي الله عنها، رقية رضي الله عنها، أم كلثوم رضي الله عنها، فاطمة رضي الله عنها، وكل أبناء وبنات النبي صلى الله عليه وسلم قد رزقوا له من زوجته خديجة رضي الله عنها باستثناء إبراهيم رضي الله عنه الذي كانت أمه ماريا القبطية رضي الله عنها.
ومن المعلوم لدينا أنه لم يبقى من أبناء النبي صلى الله عليه وسلم من الذكور أحد في حياة النبي، فكانت وفاتهم جميعاً وهم صغار، ولذلك لحكمة بالغة أراد الله من خلالها أن لا يكون بعد رسول الله ولد يرث الأمر من بعده، لأنّ الرسالة قد اختتمت بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو آخر الأنبياء ولا نبي بعده، ولو بقي للنبي صلى الله عليه وسلم أحداً من أبنائه الذكور لكان قد أصبح نبياً كأبيه وحمل الرّسالة من بعده وهذا ينافي صفة الرسول الكريم أنّه آخر الأنبياء والمرسلين التي تحدث عنها جميع الرسل من عهد سيدنا آدم إلى زمانه صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه رفعة من شأنه صلى الله عليه وسلم ورفعة لقدره، قال الله تعالى((مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)).
كما أنّه معلوم أنّ الأبناء هم زينة الحياة الدنيا وفقدانهم أمر في غاية الصعوبة، فالله تعالى أمات أبناء الرسول الذكور من أجل اختبار صبره على البلاء وليكون مثالاً للناس أنّه صلى الله عليه وسلم وهو أحب الخلق إلى الله سبحانه وتعالى إلّا أنّه يبتليه أكثر من غيره من البشر، حتى لا يرتد المؤمن عندما يصيبه البلاء كلّما زاد إيمانه لأنّه يرى في الرسول الكريم مثالاً أمامه.
كما أنّه ربما تحدث فتنة وتنافس بين الأبناء على حمل الرسالة، وهناك من يستغل مثل هذه الفرص من أجل بث الفرقة و المشاكل وعيوب بين المسلمين لتشويه صورة الإسلام والقضاء عليه وهذا هو حلمهم لأنّ الإسلام محفوظ من الله تعالى إلى قيام الساعة.