خص الله عز وجل العديد من العبادات في الأجر والتواب الجزيلين، وقد أثنى الله في محكم كتابه على العبد القائم بمنهج الله العامل بمحكم كتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ويتجلى ذلك في قوله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ? فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى? نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ? وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)، وفي هذه الآية وضح الله سبحانه وتعالى الفرق بين العبد الصادق في عبادته لله وحده وبين دون ذلك، ومن هذا المنطلق فقد شرع الله العديد من العبادات ومن هذه العبادات العمرة، وتُعرف العمرة على أنها اسم مشتق من الاعتمار وهي لغتاً تعني القصد والزيارة، وأما المعنى الاصطلاحي لها أو المعنى الشرعي الجازم، فهي تعني زيارة المسجد الحرام في مكة المكرمة بغية أداء مناسك خاصة، كالطواف في البيت العتيق والسعي بين الصفا والمروى والحلق أو التقصير، كما أن لها مواقيت محددة، فلا يجوز أداءها في الأشهر الحرم، والعمرة مشروعة في أصل الإسلام.
وقد شرع الله سبحانه وتعالى العمرة كعبادة لله وتشريفاً للبيت الحرام، وتعظيماً للبقاع المقدسة، وتكريماً لشأنها ومكانتها، حتى تكون أسهل النُسك على زوار مكة، فيدخلونها بحسن الأدب محرمين منيبين ملبين، ذاكرين لله ولبيته ومعظمين الحرام.
وأما فضل العمرة، فقد فصل كل من القرآن والسنة النبوية الكثير من فضائلها وأثارها، ومن فضلها وأثرها على العبد إنها كثارة للذنوب، فالعمرة للعمرة يكفر الله ما بينهما، ومن سماتها وثمارها أن الله يكرم ضيوفه بها، فيجيب دعائهم، ويقضي حوائجهم، ويعطيهم سؤلهم، ومن أثارها أيضاً إنها تنفي الفقر وتغني صاحبها، وتنفي الذنوب بالمغفرة ورضا الله سبحانه وتعالى،وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات، كانت أولها عمرة الحديبية في شهر ذي القعدة حيث منعه المشركون، وثانيها في العام التالي في شهر ذي القعدة أيضاً حيث صالح المشركين، وثالثها عمرة الجعرانة وفيها وكانت بعد غزوة حنين وفيها وزع صلى الله عليه وسلم غنائم المعركة بعد أن اظفر الله عز وجل عبده على المشركين، وأخرها عمرة مع حجته صلى الله عليه وسلم.
ومن الجدير بالذكر إن ثواب واجر العمرة يزيد مع مرور الوقت واستحضار القلب وبإخلاص القصد، فثواب العمرة في رمضان يعادل ثواب الحج ولكنه لا يسقط حق الفريضة، والطواف في البيت العتيق يرفع الدرجات ويعفر الخطايا ويكتب به الحسنات كما أشار إليه الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلمن، ومن فضائل العمرة أيضاً إن الأجر يكون بمقدار النصب والنفقة فيها.
كما أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على فضل الصلاة في المسجد الحرام، حيث إن الصلاة فيه احسن وأفضل من مئة ألف فيما سواه، وهذا دليل واضح على فضل العمرة والحث على الصلاة في المسجد الحرام.