بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد،
إنّ أحكام النون الساكنة والتنوين هي من أهم المباحث التي يتناولها علم التجويد، وعلم التجويد هو أحد العلوم الشرعية المهمة، فهو يخدم كتاب الله تعالى خدمةً عظيمة، حيث يُعَلِّم الدارسين كيف يتلون القرآن الكريم تلاوة صحيحة ومجودة ومرتلة، وخالية من اللحن والخطأ، ويعلمهم طريقة نطق الأحرف بشكل سليم، ويعلمهم مخارجها وصفاتها وأحكامها.
والناظر في الكتب الذي تكلمت عن علم التجويد يجد فيها دومًا مبحثًا أو فصلًا خاصًا يتناول أحكام النون الساكنة والتنوين، ويبين تعريف ومعنى كل منهما، والفرق بينهما، والأحكام التي تتعلق بهما. وسنقوم في هذا المقال بإجراء تلخيص مختصر، وعرض سريع لهذا المبحث المهم.
النون الساكنة: هي النون التي تكون خالية من إحدى الحركات الثلاث، وهي: الفتحة، والضمة، والكسرة، فهي ساكنة سكونًا أصليًا ثابتًا في حالتي الوصل والوقف، فلا يتغير سكونها في اى حالٍ من الأحوال. أما التنوين فهو نون ساكنة زائدة على بنية الكلمة. والتنوين لا يأتي إلا في آخر الكلمة، ولا يأتي إلا مع الأسماء، على خلاف النون الساكنة، فهي تأتي في وسط الكلمة وآخرها، وتأتي مع الأسماء والأفعال. كما أن التنوين لا يثبت ولا ينطق إلا وصلًا، في حين أن النون الساكنة تثبت وتنطق وصلًا ووقفًا. والتنوين لا تُرْسم نونه، وإنما يرمز له بعلامات و دلائل التنوين المعروفة، أما النون الساكنة فنونها تُرْسم.
وللنون الساكنة والتنوين أربعة أحكام رئيسة، وهي على النحو التالي:
أمّا الإظهار، فهو أول هذه الأحكام وأبسطها، حيث يُعَرَّف بأنه إظهار كل من النون الساكنة والتنوين، بحيث يتم نطق كل منهما بشكل سليم ومجرد، من دون إدغام أي منها بحرف آخر، ومن دون إخفائه أو قلبه، ومن دون زيادة الغنة عن الحد الطبيعي الذي يتلازم مع مجرد النطق بالنون الساكنة أو التنوين. وأحرف الإظهار هي الأحرف الحَلْقِيَّة، وهي: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين والخاء. ومن الأمثلة على الإظهار: {عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
وأمّا الإدغام، فهو إدخال حرف في حرف، بحيث يصبحان حرفًا واحدًا مشددًا، وحروف الإدغام مجموعة في كلمة (يرملون)، ويقسم إلى إدغام بغنة، وإدغام بغير غنة يأتي فقط مع حرف الراء واللام، ومن الأمثلة على الإدغام بغنة: {مَنْ يَشَاءُ}، ومن الأمثلة على الإدغام بغير غنة: {مِّن رَّبٍ رَّحِيمٍ}.
وأمّا القلب، فهو إبدال النون الساكنة والتنوين عند النطق بهما بحرف الميم مع إظهار الغنة بمقدار حركتين، ويكون ذلك فقط في حالة وقوع الباء بعد النون الساكنة أو التنوين. ومن الأمثلة على القلب: {عَلِيمٌ بِذَاتِ}.
وأمّا الإخفاء، فهو إخفاء النون الساكنة أو التنوين عند النطق بهما، مع إبقاء الغنة، ويكون ذلك عند وقوع أحرف الإخفاء بعد النون الساكنة أو التنوين، وأحرف الإخفاء هي كل أحرف اللغة باستثناء أحرف الإظهار والإدغام وحرف القلب. ومن الأمثلة على الإخفاء: {مِّن صِيَامٍ}.