للحريّة مفاهيمٌ عدّة، تختلف على حسب زاوية النّظر الّتي ننظر منها لهذا المصطلح، فمثلاً تعريف ومعنى الحريّة الفلسفي يختلف عن تعريفها القانوني والمعجمي. وقد ورد في قاموس Lettre ما يلي: الحريّة هي وضعيّة الإنسان غير المملوك. وجاءت أيضاً بمعنى القدرة على العمل أو الامساك عنه. وبحكم دراستي للقانون سأتناول موضوع الحريّة من النّاحية القانونيّة. فتعرف ما هو مفهوم وتعريف ومعنى الحريّة العامة؟ وتعرف على ما هى المذاهب الفكريّة الّتي مرّت بها؟ و تعرف على ما هى مدوّنة الحريّة العامّة المغربيّة؟
مفهوم وتعريف ومعنى الحريّة قانونيّاً
الحرية بمعنها القانوني هي: استطاعة الأشخاص على ممارسة أنشطتهم دون إكراه، ولكن بشرط الخضوع للقوانين المنظّمة للمجتمع. وقد عرفت الحريّة العامّة الكثير من الأفكار والمذاهب المتعلّقة بها، وأهمّها، نجد المذهب الفردي، الّذي يؤكّد على الحريّة الفرديّة، ويعتبر الفرد هو غاية النّظام، وما السلطة الحاكمة إلّا وسيلة لتحقيق الأمان، لذا يصفها بشرطيّ المرور الّذي ينظّم السّير فقط. وفي مقابل ذلك نجد المذهب الاشتراكي الّذي قدّس الجماعة، واعتبرها غاية التّنظيم السّياسي، وهكذا أصبح الفرد في هذا المذهب أداةً في يد السّلطة تحقّق بها الأهداف الجماعيّة والفرديّة على حد سواء. إضافةً إلى المذهب الفردي والمذهب الاشتراكي، نجد مذهب التدخّل الجزئي، وهو مذهب يقف موقفاً معتدلاً بين المذهبين السّابقين. وهكذا فإنّ تحديد النّظام السّياسي المتّبع في بلد ما، يمكّننا من معرفة مدى اتّساع أو تقلّص الحريّة العامّة المسموحة بها في ذلك البلد.
عرف المغرب قانون الحريّة العامّة بعيد الاستقلال، وقد كان هذا القانون متطابقاً مع مثيله الفرنسيّ من حيث الشّكل والصّياغة. وعموما يمكننا القول إنّ مدوّنة الحريّة العامّة تناولت موضوع الصّحافة والتجمّعات بشكل خاص، ونعني بالحريّة في العادة: تلك الخاصيّة الّتي تميّز الكائن النّاطق من حيث هو موجود عاقل، وتصدر أفعاله عن إرادته هو لا عن أية إرادة أخرى غريبة عنه، فالحريّة بحسب معناها الاشتقاقي هي عبارة عن انعدام القسر الخارجي، و الإنسان الحرّ هو من لم يكن عبداً أو أسيراً، ومفهوم وتعريف ومعنى الحريّة يتوقّف كثيراً على الحد المقابل الّذي تثيره في أذهاننا هذه الكلمة؛ إذ قد نضع في مقابل كلمة الحريّة كلمات وعبارات عديدة مثل: كلمة " الضّرورة "، أو " الحتميّة "، أو كلمة " القضاء و القدر "، أو كلمة " الطّبيعة ".
ولكن من الممكن أن نميّز بصفة عامّة بين نوعين من الحريّة: حريّة التّنفيذ وحريّة التّصميم، والمقصود بحريّة التّنفيذ: تلك المقدرة على العمل أو الامتناع عن العمل دون الخضوع لأيّ ضغط خارجيّ، والحريّة بهذا المعنى عبارة عن القدرة على التّنفيذ مع انعدام كلّ قسر خارجي. أمّا حريّة التّصميم: فهي عبارة عن القدرة على الاختيار، أعني القدرة على تحقيق الفعل دون الخضوع لتأثير ونتائج قوىً باطنة، تحدّ من حريّة التّصميم كالدّوافع والأهواء.
ملخّص
الحريّة، هي طعم الحياة، ولا يمكن شرائها أو التخلّي عنها؛ فيجب على الجميع امتلاكها ليمارسوا حياتهم بكلّ سعادةٍ وسرور، كما إنّ الحريّة تعرّف بشكل عام بأن يقوم الأفراد بأنشطتهم، وممارسة أعمالهم دون وجود إكراه عليهم؛ حيث إنّ هناك قوانين منظّمة بالمجتمع يجب الاقتداء بها وعدم التعدّي عليها، كما أنّ للفرد الحريّة في اختيار الدّيانة، وحريّة في المأكل والمشرب، وفي السّفر والعمل، واختيار شريك الحياة، كما أنّ هناك أنواع للحريّة وهي: حريّة التّنفيذ، وحريّة التصميم؛ فحريّة التّنفيذ: هي القدرة على العمل أو عدمه دون وجود ضغوط خارجيّة، أمّا حريّة التّصميم فهي تعرف بالحريّة على الاختيار، وهي تعني بأن يكون هناك مقدرة على تحقيق وتنفيذ الفعل دون خضوعٍ لأيّ تأثير، سواء أكانت دوافع أو أهواء.