اختار الله سبحانه و تعالى سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام من صفوة قومه ، و قد عرف قبل بعثته بالصادق الأمين ، و عندما اختاره الله سبحانه و تعالى للنبوة و اصطفاه كملت أخلاقه و علت مرتبته و شرفت منزلته فأصبح حبيب الله و خليله ، و سيد بني آدم و خير البشر أجمعين ، و لقد توافرت فيه كل صفات الكمال ، و حين سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلقه قالت ، كان خلقه القرآن ، فقد كان عليه الصلاة و السلام قرآنا يمشي على الأرض ، و منهاجا هاديا للبشر ، مبشرا و نذيرا من رب العالمين ، و قد ختم الله سبحانه و تعالى به النبوة ، فلا نبي بعده ، أعطي الشفاعة و أكرمه الله بالمقام المحمود حيث يقف أمام الله تعالى موقفا يعجز عنه و يتنحى الأنبياء جميعا ، ليشفع للبشر جميعا بعد طول انتظار .
و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم قدوة في كل شيء ، فقد كان وقورا جليلا تعلوه المهابة ، اكتملت فيه صفات الرجولة و الشجاعة و كان منبعا للأخلاق و القيم و معلما للبشرية جمعاء ، و قد كان متواضعا مع أصحابه لا يتكبر على أحد و يجالس الصغير قبل الكبير ، و الفقير قبل الغني و صاحب الجاه ، سمحا في كل معاملاته يرفق بالناس و يحسن إليهم ، ودودا لا يراه أحد إلا أحبه و تملك حبه في قلبه .
و قد حمل النبي عليه الصلاة و السلام هم الرسالة ، فقد كان يدعو الناس إلى دين الله بلا كلل أو ملل ، و قد كان يقضي ليله بالقيام و عبادة الرحمن حتى تتفطر قدماه ، فيلام في ذلك و يقال له ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر ، و يكون رده أفلا أكون عبدا شكورا ، أما نهاره فيقضيه في الدعوة لله و تبليغ أحكام الدين و إرشاد المسلمين و استقبال الوفود و تجهيز المجاهدين في الغزوات و المعارك ، أما في بيته فقد كان مثالا للأب و الراعي لأسرته في حسن تعامله مع زوجاته ، و قد سئلت السيدة عائشة عما كان يصنع رسول الله في بيته ، قالت كان يكون في مهنة أهله ثم إذا حضرت الصلاة خرج ، و كان يخصف نعله و يخيط ثوبه ، فتعلموا يا رجال الأمة معان الرجولة الحقيقية من رسول الله .