طريقة أداء صلاة عيد الفطر

لقد أنعم الله على المسلمون بشهرٍ فضيل، شهر من خير شهور السنة، إنه شهر رمضان المبارك، الشهر الذي أُنزل فيه القرآن ليهدي البشرية إلى طريق النور والهدى، ويكفوا عن ارتكاب الذنوب والمعاصي، والتقرب إلى الخالق باتباع أوامره والابتعاد عن نواهيه، شهر رمضان الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، شهر لا تكون فيه إلا أداء الصلوات والصوم والالتزام بتعاليم الله لنا، حتى نقي أنفسنا شر النار، وبعد فرحة شهر رمضان، تكون فرحة عيد الفطر المبارك، فقد شرع الله سبحانه وتعالى عيدين فقط للمسلمين في كل عام، وكل عيد يأتي بعد أداء عبادة عظيمة وجليلة أمرنا بها الله، فعيد الفطر المبارك يأتي بعد صيام شهر رمضان، ذلك الشهر الذي يمثل الركن الرابع من أركان الإسلام، وعيد الفطر بمثابة الفرحة لصيام الشهر الفضيل واتمام ما على المسلم من فرائض يتبعها في هذا الشهر، وهناك عيد الأضحى المبارك الذي يأتي بعد عبادة عظيمة وهي الركن الخامس من أركان الإسلام وهي الحج إلى بيت الله الحرام، وفي هذا العيدان شرع الله للمسلمين في أقطار الأرض في مشرقها ومغربها أن يتبعوا سنن وآداب العيد وذلك باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على أن نفعل ما كان يفعل رسول الله، فكان يحافظ على إظهار الفرحة في العيد ويؤديها شكراً لله على ما أنعم على المسلمين بالهداية إلى طريق الصراط المستقيم. ولأن الكثير يجهلون طريقة صلاة عيد الفطر، ولا يعلمون بأنها صلاة تختلف عن باقي الصلوات، لا بد من توضيحها لكي يعلم المسلمون أن رسول الله كان حريصاً على تعليم المسلمين كافة أمور دينهم من أصغرها حتى أكبرها.

عيد الفطر هو العيد الأول للمسلمين و يسبق عيد الأضحي، ويأتي عيد الفطر بعد شهر رمضان مباشرة، وهو أول يوم يفطر فيه المسلمون بعد صيام شهر رمضان، ومن هنا جاءت تسميته بعيد الفطر، ويتم الاحتفال بعيد الفطر في أول يوم من شهر شوال من كل عام، وقد احتفل المسلمون به في السنة الثانية بعد هجرة الرسول وأصحابه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة وهي أول سنة صام فيها المسلمين رمضان.

لا يوجد في صلاة العيد أذان ولا إقامة، ولكن يبتهل المسلمون بذكر الله ورسوله قبل موعد الصلاة، وصلاة العيد تكون عبارة عن ركعتين فقط، جيث يتم التكبير في الركعة الأولى بسبع تكبيرات وذلك بدون احتساب تكبيرة الإحرام، ويتم في الركعة الأولى قراءة سورة الفاتحة ومن بعدها سورة الأعلى، وفي الركعة الثانية يتم التكبير خمس مرات ويتم قراءة سورة الفاتحة وسورة القمر أو سورة الغاشية، وبعد أن ينتهي المسلمون من أداء صلاة العيد يبدأ الإمام في خطبة جامعة للناس يتحدث فيها عن مواضيع هامة ويعظهم من كل شيء قد يجعلهم مذنبين، ويهنئهم بقدوم العيد، وفي رواية البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال ( قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى إلى المصلي وأول ما يبدأ به هو الصلاة ومن ثم يقوم مقابل الناس والناس من أمامه جالسون على صفوف موحدة فيقوم بوعظهم ويوصيهم بأمرهم وإن كان يريد النبي أن يأمر بشيء كان يقوم به ومن ثم ينصرف تماماً).

تتميز أعياد المسلمين عن غيرها من الأعياد بأنها تكون للتقرب من الله، وطاعة له، ويكون فيها تعظيم الله وذكره كالتكبير والتهليل قبل أداء صلاة العيد، وحضور الصلاة في جماعة وتكون المساجد ممتلئة بالمصلين من كافة الفئات العمرية، وتوزيع زكاة الفطر على الفقراء والمحتاجين، وتظهر الفرحة على نعمة العيدين ونعمة إتمام الصيام في شهر رمضان؛ وفي العيد يتحقق البعد الروحي للدين الإسلامي ويكون العيد لجميع المسلمين ما يجعل الناس جميعًا يتشاركون في تحقيق معاني الأخوة والمحبة، والشعور بآثارها.

يتجلى في العيد أسمى معاني الإسلام الإنسانية والاجتماعية، فترى القلوب تتقارب بودٍ وحب، وترى تجمعات الناس بعد أن افترقوا، ويصفون قلوبهم بعد مشاكل وعيوب كثيرة مروا بها بسبب الشيطان، وفي العيد يتذكر المسلمون حق الفقراء والضعفاء عليهم، وتكون الفرحة الحق في جعل فقير يبستم ويفرح بالعيد كما يفرح غيره، وتعم الفرحة كل البيوت فهم عيد لكل المسلمين من كل المستويات، وتعم النعمة على الجميع وهذا هو هدف تشريع زكاة الفطر حتى يتسنى للفقراء والمحتاجين أن يسعدوا في قضاء العيد كما غيرهم من الناس، والمعنى الإنساني في العيد تراه في أن المسلمون يشتركون بفرحة واحدة وهذا يوحدهم ويجعلهم مجتمعين، وتفتخر بكثرتهم حين تجمعهم، والشعور المشترك بينهم هو واحد وهذا يقوي الروابط الفكرية والروحية والاجتماعية.

ولقد أوصى النبي "صلى الله عليه وسلم" على إظهار الفرحة والابتسامة للجميع، وتقديم التهنئة وترحيب لكل المسلمين، ونشر الفرح والسرور واللعب واللهو بالطرق ووسائل المباحة والضرب بالدف، وفي حديث رسول الله الذي يظهر هذا السرور في الأعياد عن عِياض الأشعريّ أنه شهد عيدًا بالأنبار فقال (ما لي أراكم لا تُقلِّسون، فقد كانوا في زمان رسول الله يفعلونه. والتقليس: هو الضرب بالدف والغناء)، ورُوي عن عائشة قالت (إن أبا بكر دخل عليها والنبي عندها في يوم فطر أو أضحى، وعندها جاريتان تغنيان بما تَقاوَلَت به الأنصار في يوم حرب بُعاث، فقال أبو بكر: أمزمار الشيطان عند رسول الله! فقال النبي: دَعْهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيدًا، وإن عيدنا هذا اليوم)، (وروي عن أنس قال: قدم النبي المدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله ـ الله ـ بهما خيرًا منهما؛ يوم الفطر ويوم الأضحى).

الأعمال التي من المهم القيام بها في ليلة العيد ويومه اقتداءً برسولنا الكريم وهي:

• الاغتسال قبل الخروج لأداء صلاة العيد.
• أكل ثلاثة تمرات قبل الخروج للصلاة وهذا يعد بمثابة الوتر (عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً) رواه حمد والبخاري.
• إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد، وذلك حتى يفرح الفقراء والمساكين بالعيد كغيرهم من المسلمين.
• الذهاب إلى صلاة العيد من طريق والعودة من طريق آخر كي تستطيع مقابلة أكبر قدر من الناس وتهنئهم بحلول العيد، وهذا من شأنه أن يزرع المحبة بين المسلمون.
• ومن المحبب الإكثار من الدعاء في يوم العيد
• الالتزام بصلة الرحم، حتى وإن كنت قاطع لأهلك فخيركم من بدأ بالتواصل، فالعيد فرصة لكل متخاصمين أن ينسوا خصامهم ويصلوا رحم بعضهم ابتغاء رضي الله.
• اجعل قلبك صافياً، ففي يوم العيد لا تجعل في قلبك شيئاً على أحد أو من أحد، هنئ الجميع وأصلح علاقتك بالجميع وخاصة الأقربون.
• اجعل العيد يوماً لتجدد عهدك مع الله وأن تطلب منه أن يثبتك على طريق الحق والهدى، وأن يعينك على اتباع قرآنه وسنة نبيه محمد؛ لأن هذا هو مكسب الدنيا والآخرة.