ليلة القدر
ينتظر المسلمون في كل عام شهر رمضان المبارك، ويتسابقون فيه إلى تكثيف الطاعات تقربا لله عز وجل وطمعا في عتقهم من النار، واستجابة الدعاء، وتحقيق الأمنيات، فهو الشهر الفضيل الذي يضاعف فيه المسلم الخيرات من الصوم، وقراءة القرآن، والصدقات على الفقراء، وتوجيه الدعاء لخالق السماء، كما ينتهي فيه المسلم عن فعل المنكرات، ويمسك نفسه حتى عن صغائر الذنوب، فالصوم في هذا الشهر يهذب النفس، ويعلمها مكارم الأخلاق، ومعنى الصبر، والتحمل في سبيل رضا الله.
وقد خص الله تعالى شهر رمضان عن سائر الأيام بأن فيه " ليلة القدر" وهي إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان، وهي الليلة المباركة التي أفرد لها الله عز وجل سورة كاملة تأكيدا على فضلها العظيم، وعلو شأنها عند الله، حيث إن العمل الصالح فيها احسن وأفضل من أي أعمال تؤدى في الأيام الأخرى، قال تعالى:" إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر". كما أكدت السنة النبوية الشريفة على أهمية وفائدة إحياء هذه الليلة الهامة بشتى أنواع العبادات، لقوله -صلى الله عليه وسلم:" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، كما أنها تحيط أولياء الله والقائمين بالطاعات فيها بالأمان والسلام من كل أذى حتى مطلع الفجر.
وقتها
أجمع فقهاء الدين الإسلامي على أن ليلة القدر تكون إحدى ليالي العشر الأواخر الفردية، قال -صلى الله عليه وسلم- :" تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان". بمعنى أنها قد تكون: الليلة الحادية والعشرين، أو الثالثة والعشرين، أو الخامسة والعشرين، أو السابعة والعشرين، أو التاسعة والعشرين، إلا أن بعض الفقهاء رجح أنها الليلة السابعة والعشرون من رمضان.
عدد ركعاتها
لم يحدد القرآن الكريم أو السنة عددا معينا لقيام ليلة القدر، بل إنها تكون على قدر استطاعة المسلم، فمن أكثر من الطاعات نال الخير الأكبر، ولا يشترط فيها عدد قليل أو كثير من الركعات، مع تفضيل إطالة الصلاة بالقراءة، إضافة إلى العبادات الأخرى كقراءة القرآن، وذكر الله تعالى، بالتسبيح، والتهليل، والاستغفار الكثير، والصلاة على رسول الله، إضافة إلى تكثيف الدعاء بما يسعى إليه المسلم من زيادة في الرزق أو دوام الصحة والعافية، أو الزواج، أو الذرية الصالحة، حيث إن الدعاء مستجاب في هذه الليلة، وقد روي عن عائشة - رضي الله عنها- أنها قال:" قلت يا رسول الله إن علمت ليلة ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" . كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكثر في رمضان وليلة القدر من دعاء" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".