ابن رشد
هو أبو الوليد محمدٍ بن أحمدَ بن رشد (ابن رشد الحفيد)، طبيبٌ وفيلسوف وقاضٍ وفقيه، وفيزيائيّ، وفلكيّ من الأندلس، ينتمي لأسرة ثريّة ذات جاهٍ و نفوذ في الأندلس، وقد عُرفت أسرته ابن رشد باتباعها للمذهب المالكيّ، حفظ ابن رشد ديوان المتنبّي، وموطّأ مالك منذ صغره. درس العقيدة على (المذهب الأشعريّ)، واتخذ (المذهب المالكيّ) لدراسة الفقه. يُعتبر ابن رشدٍ من أهمّ فلاسفة المسلمين، دافع بقوّةٍ عن الفلسفة، وصحّح العديد من آراء ونظريّات العلماء والفلاسفة السابقين لعصره كالفارابي وابن سينا، عن طريق شرح وتوضيح العديد من نظريّات أرسطو وأفلاطون.
حياته وعلمه
ينتمي ابن رشد لأسرةٍ عريقة بارزة، جده هو (ابن رشد الجد) كان قاضي الجماعة وشيخ المالكيّة، وكان إماماً لجامع قرطبةَ الشهير، وأحد كبار مستشاري أمراء (الدولة المرابطة)، أما والده فقد كان فقيهاً، وكان له تفسير للقرآن الكريم في أسفار، وشرحٌ عن سنن النسائيّ، تولى والده القضاء في قرطبة.
تعلم ابن رشدٍ الفقه من الحافظ (أبي محمدٍ بن رزق)، ومن أساتذته: أبو القاسم الذي علّمه كتاب الموطأ، والفقيه ابن يشكوال، والفقيه أبو مروان عبد الملك بن مسرّه، وأبو بكرٍ بن سمحون، وأبو جعفر هارون، وأبو جعفر بن عبد العزيز وغيرهم. تولّى ابن رشدٍ القضاء في مدينةِ إشبيلية في قرطبة، وعمل طبيباً خاصّاً للخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف في مراكش، وتولّى بعدها منصب (قاضي الجماعة) في مدينةِ قرطبة. ولكنّ المنصور الموحدي نفى ابن رشد إلى قرية (اليسانة) التي كانت غالبيّة قاطنيها من اليهود؛ بسبب مكيدة دُبّرت له من بعض المقرّبين من المنصور، حيث أحرق المنصور كتبه، وأصدر منشوراً ينهى فيه المسلمين عن قراءة كتب الفلسفة، أو ايلائها أيّ نوعٍ من الاهتمام، وتهديد المخالفين منهم بالعقوبة، ولكن بعد عامَين تأكّد المنصور من بطلان هذه التهمة التي نُسبت إلى ابن رشد، فأعاده إلى مراكش وأحسن إكرامه، وهناك درس الفلسفة واهتمّ بها كثيراً، لكن ابن رشد كان قد أُصيب بمرضٍ لم يمهله طويلاً، حيث عاش لمدة عامٍ واحد بعد العفو عنه، وتُوفّي وكان ذلك عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانية وتسعين للميلاد، وتم دفنه في مدينةِ مراكش، ونُقل رفاته بعدها إلى مدينة قرطبة مسقطِ رأسه.
فلسفته
ذكر ابن رشد أنّه لا يوجد هناك أيّ تعارضٍ بين الفلسفةِ والدين، وأنّ الطرق ووسائل المختلفة للفلسفة والدين توصل في النهاية للحقيقةِ المنشودة ذاتها. كان ابن رشد يؤمن بسرمديّةِ الكون، عن طريق ترديده أنّ الروح تُقسم إلى قسمين، هما:
- شخصيّ: وهذا القسم يتعلق بالشخص نفسه (الجسد).
- إلهيّ (الروح)
وذكر ابن رشد في دفاعه عن الفلسفة أنّ الروح الشخصيّة (الجسد) في الإنسان قابلة للفناء، وبما أنّها كذلك فإنّ كلّ الناس متشابهون في هذه الناحية يتقاسمون هذه الروح، وروحٌ إلهيّة متطابقة خالدة. وذكر ابن رشد أنّ لديه سبيلَين لمعرفة الحقيقة، وهما:
- الحقيقة التي تستند إلى الدين، والذي يعتمد بدورهِ على العقيدة، وهذه الحقيقة غير قابلة للتدقيق، والتمحيص والفهم الشامل.
- الفلسفة، وهي السبيل الثاني لمعرفة الحقيقة عند ابن رشد، حيث ذكر أنّ الفلسفة يفهمها عددٌ من النخبويّين، والذين يحظون بنوعٍ من الملكات الفكريّة العالية، حيث كان يحضّ هؤلاء على حفظ العديد من الأفكار الفلسفيّة، وإجراء دراساتٍ فلسفيّة جديدة.