الخوارزمي
محمّد بن موسى الملقّب بالخوارزمي والمكنّى بأبي جعفر، هو أحد أشهر العلماء المسلمين؛ بل أحد أشهر علماء الرياضيات في العالم، وإليه ينسب تأسيس علم الجبر. ولد الخوارزمي في عام مائة وأربعة وستّين هجريّة، أو سبعمائة وواحد وثمانين ميلادية. وينسب إلى مدينة خوارزم التي كانت تعيش فيها عائلته في إقليم خراسان الّذي فتحه المسلمون في عهد الأمويين واستمرّ كذلك إلى العصر العباسي.
تورد بعض الروايات التاريخيّة أنّ الخوارزمي كان من أصول عربيّة، وهناك روايات أخرى تقول إنّه كان فارسيّ الأصل، بينما تسكت بعض المصادر عن الخوض في هذا، وتكتفي بذكر الخوارزمي كعالم مسلم. تقع خوارزم حاليا في جوهورية أوزباكستان في وسط قارة آسيا، ومنها انتقلت عائلة الخوارزمي إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسيّة، وقبلة العلماء والأدباء في ذلك العصر.
حياة الخوارزمي
عاش الخوارزمي في بغداد، وعمل في دار الحكمة التي كانت تعتبر أهمّ المؤسّسات البحثية في العالم في ذلك الوقت، وقد أسّسها الخليفة العبّاسي المأمون بن هارون الرشيد. كان الخوارزمي أميناً لمكتبة الخليفة، ويعمل على جمع الكتب اليونانيّة وترجمتها إلى العربية. وقد استفاد الخوارزمي كثيراً من عمله في تلك المكتبة؛ حيث اطّلع على المؤلّفات اليونانية القديمة بلغتها، واكتسب معارف شتّى في الفلك والجغرافيا والتاريخ والرياضيات، بالإضافة إلى ما كان يعرفه الخوارزمي من العلوم الّتي انتشرت في فارس والهند في ذلك الوقت.
أنجز الخوارزمي العديد من الأبحاث في مجالات الفلك والجغرافيا والرّياضيات في الفترة بين عامي ثمانمائة وثلاثة عشر، وثمانمائة وثلاثة وثلاثين ميلاديّة، وهي الفترة التي عمل فيها في دار الحكمة. وقد نشرت كلّ مؤلفات الخوارزم باللغة العربيّة بطبيعة الحال، ومن إحدى مؤلّفاته: كتاب الجمع والتّفريق بحساب الهند، واعتمدت أوروبا وبقيّة الشرق الأوسط على نظام الترقيم الهندي، وهو كتابة الأرقام من اليمين إلى اليسار، إلى جانب إدخال الرّقم صفر إلى العمليّات الحسابية، وهو ما لم يكن معروفاً من قبل.
وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الخوارزمي بابتكاره طرق ووسائل لحلّ المعادلات التربيعيّة أنشأ علم الجبر، بالإضافة إلى تأسيسه علم حساب المثلّثات، هذا إلى جانب الأعمال في مجالي الفلك والجغرافيا؛ حيث قام بالإشراف على وضع خريطة للعالم بتكليف من الخليفة المأمون شارك فيها سبعون جغرافيّاً، إلى جانب تصحيح الأرقام الجغرافيّة والفلكيّة، وتنقيح الكتب اليونانيّة القديمة وتصحيحها في مجالات الفلك والجغرافيا. وللخوارزمي العديد من المؤلّفات التي فقدت ولم تصل إلينا إلّا عناوينها، أو بعض المؤلّفات التي كانت بلا عنوان وفقدت تماماً في علوم الحساب والفلك. وقد توفّي الخوارزمي في سنة مائتين واثنتين وثلاثين هجريّة، أو ثمانمائة وثمانيةٍ وأربعين ميلاديّة.