ابن خلدون هو عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون أبا زيدٍ ولي الدين الحضرمي الإشبيلي ، هو مؤرخٌ من الشمال الإفريقي من أصولٍ أندلسيّة ، تولى القضاء في مصر وأقام فيها نحو ربع قرن ، حيث مات ودفن في القاهرة ، حفظ ابن خلدون القرآن الكريم منذ نعومة أظفاره ، وكان ينتمي إلى عائلةٍ مرموقة لهم بعٌ طويل في السياسة والدين وشغلوا مناصب عالية في الأندلس و شمال افريقيا وتحديداً تونس بعد نزوحهم اليها قادمين من الأندلس .
اشتهر إبن خلدون بأنه أول من وضع الأسس الحديثة لعلم الإجتماع ، وهو المؤسس لهذا العلم ، وقد توصل إلى نظريات في قوانين العمران ، وبناء الدولة ، ونظرية العصبية، وكانت له عددٌ من المصنفات في الحساب والمنطق والتاريخ ، وله العديد من المؤلفات والكتب ، ومن أشهرها مقدمة إبن خلدون والذي يتحدث فيه عن الفلك والجغرافيا والعمران ، وأيضاً كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ، وتعتبر مقدمة إبن خلدون من مجلدات كتاب العبر السبعة .
فقد إبن خلدون أبويه والعديد من معلميه بوباء الطاعون ، الأمر الذي جعله يعتزل الحياة حزناً على مصابه ، ليتفرغ بعدها للبحث والتنقيب في مجال ( العلوم الإنسانية ) ، وفي هذه الفترة قام بكتابة ( مقدمة إبن خلدون ) أي في فترة اعتزاله في سنوات عمره الأخيرة .
قيل الكثير عن إبن خلدون ، ومن أشهر ما قيل عنه :
- ( أرنولد توينبي ) ، ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي من أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في مختلف الأمم والعصور .
- ( لينين ) ، طرح لينين تساؤل عن إمكانية وجود فيلسوف آخر في الشرق من أمثال ابن خلدون .
- ( ايف لاكوست ) ، مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم ، وهو أروع عنصر فيما يمكن تسميته أو اعتباره بالمعجزة العربية .
- ( روجيه غارودي ) ، فيما يتعلق بدراسة المجتمعات وهيكلها ومراحل تطورها ، فإن أكثر الوجوه التي تمثل تقدماً تتمثل في شخص العالم والفنان والفقيه ورجل الحرب والفيلسوف إبن خلدون ، الذي يضاهي بعبقريته العالمية عمالقة الفكر والنهضة عندنا منذ القرن الرابع عشر الميلادي .
تلقى ابن خلدون علومه على أيدي أشهر المعلمين في المغرب العربي ، والذي سهل عليه الأمر مكانة عائلته الإجتماعية المرموقة ، لتجتمع في شخصه العناصر الأساسية النظرية والعلمية ، والتي جعلت منه مؤرخاً عظيماً رغم عدم اكتراثه في البداية بالتاريخ ، لعدم مراقبته الوقائع والأحداث عن بعد ، بل كان مساهما من موقع المسؤولية في صناعة الأحداث خلال فترةٍ تجاوزت النصف قرن ، واستطاع توضيح الحقائق التاريخية واحداثها انطلاقاً من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ ، وبناءاً على هذا فإنه قد تتبع منهجاً في دراسة التاريخ ليجعل من كل أحداثه المدونة تسير وفق قانونٍ ثابت وملازمة للتطور والعمران البشري .
كان واسع الإطلاع على الثقافات القديمة وما تركه القدماء من علوم ، وكانت لديه القدرة على النقد واستطلاع الآراء ، كان دقيق الملاحظة منصفاً لأصحاب الآراء التي لا تتفق مع رأيه ، وكان لتعدد أسفاره الأثر الكبير في موضوعية تفكيره وكتاباته ، وتميز أثناء كتابته للتاريخ ، بموضوعيته وكان تقديمه لهذا التاريخ لاديني .
توفي عالمنا في مصر ودفن في مقابر الصوفية ، ولكن موقع قبره غير معروف .