و قد قام جيش القرمطي الضّال بسرقة الحجر الأسود و انتزاعه من مكانه و بقي عندهم اثنتين و عشرين سنة ، إلى أن بعث الحاكم الفاطمي في تلك الفترة برسالة تهديدٍ إليه حتى أعاد الحجر الأسود إلى مكانه .
و قد مثّل ظهور حركة القرامطة و مافعلوه من المنكرات تحولاً في الفكر الباطني ، حيث استحل القرامطة كلّ المحرمات و تجاوزوا الخطوط الحمراء في استباحة دم المسلم الحرام ، و استباحة حرمة المقدّسات الإسلاميّة ، و ممّا يساعد المرء على فهم عقيدة و تفكير و سلوك تلك الحركات الباطنيّة معرفة الإنسان لكيفيّة نشوء تلك الحركات حيث يعود أصل مؤسّسي تلك الجماعات إلى بلادٍ كانت تحسب على عقيدة الكفر لقرونٍ طويلةٍ مثل بلاد فارس، و قد فتحها المسلمون في معركة القادسيّة و نشروا فيها الإسلام ، فلم يطب لكثيرٍ ممن خسر جاهه و ماله أن ينتصر الإسلام ، فاعتنقوا الدّين الإسلامي خفيةً و اتخذوا من محبّة آل النّبي عليه الصّلاة و السّلام ستاراً يخفون وراءه حقداً دفيناً على الإسلام و منبعه الصّحيح .