القناعة

القناعة من أروع ما يملكه الإنسان، فهي كما يصفونها دائماً بأنها كنزٌ ثمين لا يتبدل، وهي اكتمالٌ في شخصية الفرد ليكون غنياً ومتعففاً ومترفعاً عن الكثير، خصوصاً أن القناعة تُشعر صاحبها بأنه أغنى الناس وأكثرهم رضى، كما أنها تغمر القلب بالسكينة وتعطيه الاستقرار فينعكس ذلك على الروح والجوارح، فالإنسان القنوع يرى نفسه دائماً راضياً بما قسمه الله له ولا يلهث وراء الأطماع الكثيرة التي تملأ الدنيا، كما أن القناعة تعلم الإنسان أن يكون قوياً وراضٍ بما قسمه الله له من رزق ووظيفة وأبناء وزوجة وبيت وغير ذلك.

إن القناعة من أكثر الأشياء التي يجب التمسك بها، ليس فقط لأنها طريقٌ للشعور بالراحة، بل لأنها أيضاً تجنب الإنسان الوقوع في فخ الغيرة والحسد، فالقَنوع لا ينظر إلى ما في يد غيره من نعمٍ مختلفة، ولا يحاول أبداً أن يحسده عليها لأنه قانعٌ بما لديه وراضٍ به، كما أن القناعة تجعل الإنسان متصالح مع نفسه كما هي، ويرضى بما يعطيه الله له دون أن يشعر بالسخط أو الألم أو الحزن على الأشياء الضائعة، فلذلك يقولون دائماً: “كن قنوعاً تكن أغنى الناس”.

من المعروف أن القناعة هي الطريق للوصول إلى حياة طيبة هادئة، كما أنها سببٌ في سعادة القلب وهي من أسمى الصفات التي يجب أن يحاول كل شخص أن يتحلى بها، خصوصاً في هذا الزمن الذي تكثر فيه الأطماع، وبالإضافة إلى هذا فإن الله تعالى يمنح الأجر الكبير للعبد القنوع الراضي بقضاء الله وقدره وقسمته، على عكس غير القنوعين الذين وصفهم بالمنافقين، فالشخص الذي لا يقنع بما لديه يعتبر إنساناً جشعاً يحب الطمع وتذهب عينه إلى ما في أيدي الآخرين من نعم، فالإنسان يجب أن يرضى ويقتنع بما لديه كي لا يخسر كل شيءٍ في النهاية.

من أكثر الأشياء التي تدعو الإنسان أن يكون قنوعاً هو يقينه بأن هذه الدنيا زائلة وأن نعيمها لا يدوم، لهذا فإن كل ما يجمعه بها سواء اقتنع به أم لم يقتنع تعرف ما هو إلا نعيمٌ مؤقت، لذلك من يكن قنوعاً سيكسب الرهان في نهاية الأمر، وفي هذا يقول الشاعر:

هي القناعة فالزمها تعش ملكًا
لو لم يكن لك إلا راحـة البدن
فأين من ملك الدنيا بأجمعهـا
هل راح منها بغير القطن والكفن

فلتكن القناعة شعار حياتنا، لأنها تُعطي للحياة جمالاً من نوعٍ خاص وتمنح النفس إحساساً لرائعاً يغمره الرضى الكبير والراحة النفسية التي لا تضاهيها أي راحة.