مسألة الربا للمضطر في الشرع

يرجع التّساؤل عن حكم الربا للمضطر إلى أمرين: أحدهما، معرفة عموم المسلمين بحرمة التعامل بالرّبا أخذاً وإعطاءً، وثانيهما، إرجاع بعض المتعاملين بالربا إلى قاعدة شرعية عند علماء أصول الفقه، تقول: إن الضرورات تبيح المحظورات، والمسائل الشرعية المتعلقة بالمعاملات المالية مسائل بالغة الأهمية، لكون كثير من أحكامها يقوم على مسائل دقيقة في صورتها؛ فينتج الحكم الشرعي تحليلاً أو تحريماً، وحكم الرّبا للمضطر يحتاج إلى تفصيل وبيان لموقف الشرع فيه.

حكم الربا للمضطر

  • الربا حرام، وهو كبيرة من كبائر الذنوب التي أعلن الله -عز وجل- الحرب على فاعليها في كتابه العزيز، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، وفي الحديث الصحيح: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ).
  • من أوقع نفسه في مال الرّبا عليه أنْ يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل توبة نصوحة صادقة، ويعزم على أن لا يعود إلى مرة أخرى، فإنْ كان الدّائنُ آخذاً له ردّ المال الزائد إلى صاحبه المدين، وإنْ كان مستقرضاً تاب واستغفر.
  • إنّ شراء سيارة، أو بناء بيت أو شراء شقة للسكن ليست من أبواب الضرورات التي تبيح المحظورات؛ فإنّ الضرورة عن أهل العلم تُقدّر بقدرها، وضرورة السكن تندفع باستئجار بيت، وهذا حال كثير من الناس في زماننا.
  • لئن ينزل المسلم في منزل مستأجر طوال حياته صابراً على ضيق الحال احسن وأفضل له من أنْ ينام ببيت ناله من التعامل بالرّبا، فضيق الدنيا أهون من عذاب الآخرة.
  • على المسلم أنْ يوقن أنّ المال الحرام ما كان يوماً ولن يكون سبباً في تحصيل السعادة، وتحقيق الرّاحة والسكينة، بل هو على الدّوام سببٌ للشقاء والهمّ في الدنيا قبل الآخرة.
  • في مسألة الرّغبة في الزواج قال العلماء: إنّ الطريق إلى عفّة النفس لا تكون من أبواب خبيثة، وقد وعد المولى –سبحانه- الرّاغب بالنكاح بالإعانة والتّسهيل إذا صدق العزم واستعان بالله، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونهم: المجاهدُ في سبيلِ اللهِ، والْمُكَاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يُرِيدُ العفافَ)، وأوصى الشباب بقوله: (يا معشرَ الشبابِ، منِ استَطاع الباءَةَ فلْيتزوَّجْ، فإنه أغضُّ للبصَرِ وأحصَنُ للفَرْجِ، ومَن لم يستَطِعْ فعليه بالصَّومِ، فإنه له وِجاءٌ)، وقديماً قالوا: إذا جدّ العزم جاءت الحِيَل.

إقرأ أيضا : أضرار الربا

التّورق بديل الربا للمضطر

  • المسلم ابتداءً إذا وقع في حاجة أو حرج أو ضيق يلجأ إلى الله –عز وجل-، ويبحث ما استطاع عن سدّ حاجته بالطرق ووسائل المشروعة، قال الله -عز وجل-: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
  • قال بعض أهل العلم: إذا وصل الحال بمسلمٍ إلى حدّ الضرورة فلا حرج بأنْ يحصل على ما يحتاج إليه من مال بما يُعرف عند أهل الفقه بـ (التّورّق).
  • المقصود بالتّورق أنْ يشتري المرء –مثلاً- سلعةً بثمن مؤجّل (بالأقساط) من أحدهم، ثمّ يبيعها لشخصٍ آخر غير الذي اشترى منه بثمن معجّل (نقداً)، وبالرّغم من أنّ الغالب في هذا البيع أنّه يكون بسعر أقلّ من سعر الشراء إلا أنّ المضطر يحصل على حاجته المستعجلة من المال، وقد أفتى بجوازه كثيرٌ من أهل العلم ضمن ضوابط، وتتّسع دائرة جواز التّورق عند العلماء إذا كان الموجب له الابتعاد عن مال الربا.

فيديو عن حكم الربا للمضطر

ننصحكم بمشاهدة الفيديو الآتي الذي يتحدث فيه فضيلة الدكتور بلال إبداح عن حكم الربا للمضطر: