حقوق الإنسان

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تقويم، ومنحه أعلى مرتبة بين جميع المخلوقات، وصوّره فأحسن تصويره وجعل هيأته احسن وأفضل هيأة وأعطى جسمه الاستقامة، وسخّر له جميع المخلوقات ليستفيد منها، وقد جعل الله تعالى للإنسان حقوقاً وواجبات، وعلى الرغم من أن جميع الشرائع السماوية فرضت هذه الحقوق، إلا أن البعض تعدّى عيها وأصبح حقوق بعض البشر مسلوبة، فبعض الأشخاص استعبدوا الأشخاص الآخرين وسلبهم أبسط حقوقهم، ولأن سلب الحقوق أصبح من الأشياء الشائعة، ظهرت العديد من المنظمات الإقليمية والدولية التي طالبت بحقوق الإنسان، وفعلاً تم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول من عام 1948م.

عند ذكر حقوق الإنسان فإن هذه الحقوق يجب أن تكون مبنية على أسس إنسانية واضحة وكاملة، كما يجب أن تكون هذه الحقوق مصانة وقائمة على المعايير الاجتماعية والمبادئ الأخلاقية؛ لأنها بالدرجة الأولى تمس الإنسان الذي يجب عدم المساس بحقوقه، وأبرز هذه الحقوق حقه في الحياة، بالإضافة إلى جميع حقوقه القانونية والمدنية، وحقه في أن يكون حراً وليس عبداً، وحقه في الكرامة الإنسانية وأن يكون آمناً مطمئناً يعيش حياة مستقرة، ويحصل على ما يحتاج إليه من طعام ولباس وتعليم وقدرة على التنقل.

إن صيانة حقوق الإنسان وتطبيقها من أهم المعايير التي يُقاس بها تقدم الأمم وتطورها، فالمجتمعات التي يُصان حق الإنسان فيها هي بالضرورة مجتمعات راقية يسود فيها العدل والمساواة والأمان والاطمئنان، بعكس المجتمعات التي تُمتهن فيها هذه الحقوق، فالهدف من الحياة أن يكون الإنسان مصاناً وكريماً ويعيش باحسن وأفضل حال، لأن الإنسان الذي بلا حقوق يرى بأن الحياة بلا جدوى ولا تستحق أن تُعاش، فيتسلل إلى نفسه الملل والإحباط والاكتئاب، ومن الممكن أن يصبح مجرماً أو معقداً نفسياً.

بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، توالت العديد من العهود والمواثيق التي تسابقت الدول بتبنيها والتوقيع عليها، وكانت تركز جميعها على حق الإنسان في أن يعيش بسلام وحقه في أن يحصل على حقوقه المدنية والاجتماعية، وحقه في ممارسة حريته الدينية والاقتصادية، بالإضافة إلى حقه في ممارسة حرياته المختلفة في الحياة، وفي نهاية الحديث، يجب ألّا ننسى جميعاً أن الإنسان الذي خلقه الله تعالى ليس عبداً لأحد، لأن الله لا يفرق بين عباده وهم سواسية عنده في الحساب والعقاب، لهذا فإن احترام حقوق الآخرين لا يعتبر خياراً، وإنتعرف ما هو شيءٌ لازم على الجميع احترامه وتطبيقه والالتزام به، ويجب أن يُعاقب كل من يتعدى على حقوق غيره، فأساس الحياة السليمة قائمٌ على احترام الإنسانية.