اختيار الصديق

الصداقة كنزٌ ثمين، خصوصاً إذا كان الصديق حقيقياً وجامعاً لمكارم الأخلاق ومحباً لصديقة ووفياً له، لذلك فإن اختيار الصديق الصدوق من أكثر الأشياء التي يجب على المرء التريث فيها، ويجب اختيار الصديق الذي يستر على سيئات صديقه وينشر خيره، والذي يؤدي أمانة الصداقة على أكمل وجه، وما إلى ذلك من واجبات مفروضة على الصديق، كما يجب أن يكون هذا الاختيار مبنياً على أساس الأخلاق والفعل الطيب، لأن المرء على دين خليله، والصاحب يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على أخلاق صاحبه، فإما أن يجره للخير وإما أن يجره للشر، لذلك علينا أن نحسن اختيار الصديق.

يجب أن يكون اختيار الصديق قائماً على ما فيه من مبادئ الخير أولاً، وألا يكون هذا الاختيار مبنياً على أية مصالح مادية أو معنوية، وألا يكون لأجل أن يتحقق هدف ما، فالصداقة الحقيقية تكون مبنية على أساس واحد فقط، وهو الأنس بقرب الصديق وصون عشرة صداقته واعتباره أخاً عزيزاً يقف في وجه الحياة مع صديقه، ويذود عنه المصائب، ويدفع عنه الشرور ما استطاع، فالصديق هو روحٌ إضافية وحياة جديدة وسيفٌ بيد صديقه.

عند اختيار الصديق يجب أن يراعي الشخص انتقاء صديق نقي وطيب، لا يوجد فيه الخبث ولا اللؤم ولا يعرف الكذب والتلوّن والخداع، ولا يميل مع المصالح، وأن يكون إنساناً صالحاً، فكما يقولون دائماً أنك عندما تختار أصدقاءك فإنك في الواقع تختار صفاً من المصلين خلف جنازتك، وتختار اشخاصاً يدعون لك بالخير في حياتك ومماتك، وأشخاصٌ يدافعون عنك في غيابك وينصرونك على أعدائك، وليس المهم أبداً أن يختار الإنسان أصدقاءً كثيرين، بل الأهم أن يختار أصدقاءً جيدين، فالعبرة ليست في عدد الأصدقاء، وإنما في أخلاقهم وتربيتهم وقدرتهم على الوفاء والإخلاص.

من أراد أن يجمع خير الدنيا فعليه أن يحرص على اختيار الصديق الصدوق، الذي يصونه ويحبه بكامل قلبه، لأن الأمانة في الصداقة لا يمكن أن تتجزأ، كما أن الصديق المخلص يعرف كيف يأخذ بيد صديقه إلى آفاقٍ رحبة، وقدوتنا في هذا رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، الذي كان له الكثير من الصحابة وأقربهم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، فهو رغم كل شيء لم يتخلّ أبداً عن الرسول الكريم، وصدقه وآمن به لأنه صديقه الذي يعرفه جيداً، ويعرف أنه لا يكذب أبداً، فالصداقة إن خلت من الثقة لا يمكن أن تستمر، لهذا تعتبر الثقة أساساً عند اختيار الصديق،