ليلة نزول القرآن
بدأ نزول القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر وكان يومها جالسا يتفكر في غار حراء، فنزلت أول كلمات وعبارات القرآن الكريم وكانت سورة اقرأ، وهذا على الأرجح في الليلة الرابعة والعشرين من رمضان في العام الثالث عشر قبل الهجرة.
كان الوحي قد بدأ بالنزول على محمد قبل ذلك بقرابة ستة أشهر في يوم ميلاده الأربعين، وكان بالرؤيا الصادقة، لكن في ليلة القدر نزل الملك جبريل لتبدأ الدعوة بملامحها الواضحة.
طريقة نزول القرآن
هنالك عدة أقوال في طريقة نزول القرآن الكريم منها أن القرآن قد فصل من الذكر والذي كان في اللوح المحفوظ حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا، فصار جبريل ينزل به على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فبذلك يكون قد نزل جملة واحدة عندما وضع في بيت العزة، وتم ذلك في ليلة القدر، فصار ينزل به على مراحل إلى الأرض.
في هذا ثلاثة أقوال، فإما أن القرآن الكريم قد نزل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ ومرة واحدة أو أنه نزل على عشرين أو ثلاثة وعشرين مرحلة، فنزل جزء في كل ليلة كانت أولها ليلة القدر، أو أنه نزل على مراحل إلى البيت المعمور لكن أول مرة هي ليلة القدر، وأصح هذه الأقوال أولها، أنه قد نزل مرة واحدة إلى البيت المعمور.
حادثة غار حراء
في ليلة القدر عندما نزل القرآن لأول مرة على سيدنا محمد تمثل جبريل بشكل عجيب أمامه لم ير قط من قبل مثيلا له، وكان لضخامته يحجب الأفق بجناحيه، فخاطبه آمرا (اقرأ) فرد عليه: (ما أنا بقارىء) فقد كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، فاقترب منه وضمه ضمة شديدة، حيث وصفها محمد صلى الله عليه وسلم بعد حين بقوله: (حتى بلغ مني الجهد) أي أنه تعب حتى تعرق بشدة، ثم تركه الملك وكرر القول له مرة أخرى (اقرأ) فرد عليه مرة أخرى: (ما أنا بقارىء)، فأمسكه وقربه منه مرة أخرى وضمه ضمة شديدة، ثم عاد وتركه وكرر الأمر للمرة الثالثة: (اقرأ) فرد عليه: (ما أقرأ؟) فتلا عليه عندها أول آيات القرآن الكريم: ? اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم? ثم اختفى جبريل دون تفسير منطقي.
كانت أصعب ليلة مرت على النبي الكريم فعاد إلى منزله على عجل خائفا مترقبا، يردد كلمة واحدة (زملوني.. زملوني)، أي دثروني وكأنه يعاني من الحمى، فاستقبلته زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، وقامت بتهدئته وكان خوفه كبيرا حد الجزع؛ فقالت له: (والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)، ثم ذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل تسأله عما جرى لزوجها، وكان على دين المسيح وقد بلغ التسعين، وفقد بصره من كثرة قراءة التوراة والإنجيل، وأخبرته ما علمت من أمر زوجها فطلب أن يراه، فجلس يستمع وهو يتعجب تارة ويبتسم تارة أخرى، فما يسمعه يعرفه ويطابق ما قرأه عن نبوءة ظهور نبي آخر الزمان أحمد، فقال لمحمد وزوجه أربعة جمل: (إنك لنبي هذه الأمة، إنك لنبي آخر الزمان، لقد جاءك الناموس الذي جاء موسى، إن قومك سيكذبونك، ويؤذونك، ويقاتلونك، ويخرجونك، ليتني أكون فيها جذعا إذ يخرجك قومك).