- موضوع تعبير عن البحر
موضوع تعبير عن البحر
عندما خلق الله تعالى الأرض، جعل للبحار فيها حصة الأسد، ولا غرابة أن البحر يغطي ثلاثة أرباع كرتنا الأرضية، فالبحر عالمٌ قائمٌ بذاته، مليءٌ بالأسرار والغرائب، وهو حياة متكاملة وعوالم كثيرة تسكن في نفس الماء، وبغض النظر عن كمية الجمال والسحر التي تسكن سطحه، إلا أن أعماقه تُوحي بالوحشة والغموض وأحياناً الرهبة، فهذا الجمال الذي ينعكس على صفحة الماء تعرف ما هو إلا جزءٌ بسيطٌ مما يُخفي البحر، ولهذا يقولون دائماً أن القلوب تشبه البحر بغموضها وكتمانها وكلّ ما فيها من تغيرات وتقلبات، ومهما كان الوصف فيه عميقاً فلن يصل إلى عمق البحر.
يتجلى سحر البحر في أنه متصالحٌ مع نفسه، يُرسل أمواجه بين مدٍ وجزر دون أن يأبه إلى أي شيء، فالساعات بالنسبة له تُحسبُ بعدد موجاته التي يُرسلها ويأخذها، وكأنه يريد أن يوصل رسائل كثيرة إلى زائريه، وربما أيضاً يجلب رسائل محملةً بالشوق والحنين، ومزروعةً بالكثير من الأمل، فمن أراد أن يقرأ هذه الرسائل ما عليه إلا أن يجلس على شواطئه ويُصغي جيداً إلى هدير أمواجه ويتعلم من قوة ضرباتها على الصخور، وبالتأكيد سيسافر إلى عالمٍ من السحر الذي لا نهاية له، وسيفكر كثيراً كيف أن الله تعالى أودع سره فيها لتكون بكل هذه القوة والانتظام.
من أكثر الأشياء التي تُعطي البحر خصوصيةً وسحراً إضافياً، منظر شروق الشمس وغروبها، وخصوصاً عندما ينعكس الشفق الأحمر على وجه الماء، وكأن الشمس تُعطيه قبلة الوداع قبل أن يحلّ الظلام، وهو بدوره يعكس لون هذا الوداع فيزداد المظهر روعةً وعمقاً، أما الغوص في أعماقه فهو بلا شك جمالٌ لا يُدانيه جمال، ففي أعماقه حياة كاملة تعيش فيه النباتات البحرية والحيوانات، بل إنها تنفرد بالكثير من الغرائب والألوان والجمال، وبالتأكيد لا يخلو من اللآلئ الثمينة والمرجان والمخلوقات التي تتجلى فيها قدرة الخالق سبحانه وتعالى، فهنيئاً لمن ظفر بلؤلؤةٍ منه، لأنها ستحكي له أسرار البحر.
من أراد جرعةً كبيرةً من الراحة والسكينة والفرح، ما عليه إلا أن يشدّ الرحال إلى البحر، فلديه كل ما هى اسباب الإحساس بالاسترخاء والسكينةٍ والارتياح، وفيه يمكن أن يُلقي المرءُ بجميع آلامه وأحزانه، أو أن يقول له ما يُريد من أسرار وذكريات، فأمواجه لا تخون السرّ أبداً، ففي كل قطرة ماءٍ منه أسرارٌ كثيرة باحَ بها الكثيرون واحتفظ بها ماء البحر، ولن يبوح بها حتى للمراكب والأشرعة التي تجوب فيه ليلاً ونهاراً، فالبحر وفيٌ لأسماكه ومرجانه ولملحه الساكن في أعماقه.