- قصائد إيليا أبو ماضي
ولد الشاعر إيليا أبو ماضي في عام 1889، وهو شاعر عربي لبناني أحد أهم شعراء المهجر، وهو من عائلة بسيطة جداً، كان فقير الحال، مما جعله يسافر للعمل في التجارة، وفي نفس الوقت تابع تعليمه المدرسي، ويعتبر إيليا أبو ماضي من الشعراء الموهوبين الذين نظموا العديد من القصائد الجميلة في الكثير من الموضوعات، وقد كان أول ديوان له ديوان “تذكار الماضي”، أما قصائد إيليا أبو ماضي منها الوطنية والغنسانية والوجدانية، وقد استمر إيليا أبو ماضي في نظم الشعر ونشره في المجلة حتى توفي في الثالث والعشرين من تشرين الثاني من عام 1957.
قصائد إيليا أبو ماضي
نظم إيليا أبو ماضي العديد من القصائد التي بقيت محفورةً في وجدان الشعر العربي، ومن أشهر هذه القصائد: الغبطة، الغدير، الطموح، الدمعة، الخرساء، السماء، ذكرى، أنت، الفقير، تلك الستون، وغيرها، ومن قصائد إيليا أبو ماضي الكثيرة ذات الطابع الوجداني والتي اشتهرت كثيراً ما يلي:
- العيون السود
ليت الذي خلق العــــيون السـودا … خلق القلوب الخافقات حديد
الولا نواعــســها ولولا سحـرها …. ما ود مالك قلبه لـو صـــــيدا
عَـوذْ فـؤادك من نبال لحـاظها … أو مـتْ كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهـم… كنت امرءاً خشن الطباع، بليدا
وإذا طـلبت مع الصــبابة لـذةً…. فلقد طــلبت الضـائع المــوجــودا
يا ويــح قلبي إنـه في جانبي … وأظــنه نـــائي المــــــزار بعـيدا
مــســـتوفــزٌ شـوقاً إلى أحـبابه…. المـــرء يكره أن يعــــيش وحيدا
بـــــــرأ الإله له الضـلوع وقايةً…. وأرتـــــــه شقوته الضلوع قيودا
فإذا هــــــفا بــــــــرق المنى وهفا له…. هاجت دفائنه عليه رعودا
جــــشَّــــمتُهُ صـبراً فـلما لم يطقْ… جشمته التصويب والتصعيدا
لــو أســتطيع وقـيته بطش الهوى ولـــو استطاع سلا الهوى محمودا
هي نظرة عَرَضت فصارت في الحشانــاراً وصــــار لها الفـــؤاد وقودا
والحــبٌ صوتٌ ، فهــــو أنــةُ نائحٍ…. طـــوراً وآونــــة يكون نشــــيدا
يهــــب البــواغم ألسـناً صداحة….. فــــإذا تجنى أســــــكت الغريدا
ما لي أكلف مهـجتي كتم الأسى…. إن طـال عهد الجرح صار صديدا
ويــلذُّ نفــسي أن تكون شـــقيةً … ويلــذ قلبي أن يكــــــــون عميدا
إن كنت تدري ما الغـرام فداوني…. أو لا فخل العـــــــذل والتفنيدا
- كن بلسما
كن بلسماً إن صار دهرك أرقما .. وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها … لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا … أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً ؟ … و من يثيبُ البلبل المترنما ؟
عُدّ الكرامَ المحسنين وقِسْهُمُ … بهما تجدْ هذينِ منهم أكرما
ياصاحِ خُذ علم المحبة عنهما… إني وجدتُ الحبَّ علما قيما
لو لم تَفُحْ هذي ، وهذا ما شدا…عاشتْ مذممةً وعاش مذمما
فاعمل لإسعاد السّوى وهنائهم…. إن شئت تسعد في الحياة وتنعما
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا … لولا شعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا … وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما
ما الكأس لولا الخمر غير زجاجةٍ…. والمرءُ لولا الحب إلا أعظُما
كرهَ الدجى فاسودّ إلا شهبُهُ… بقيتْ لتضحك منه كيف تجهّما
لو تعشق البيداءُ أصبحَ رملُها…. زهراً، وصارَ سرابُها الخدّاع ما
لو لم يكن في الأرض إلا مبغضٌ… لتبرمتْ بوجودِهِ وتبرّما
لاح الجمالُ لذي نُهى فأحبه…. ورآه ذو جهلٍ فظنّ ورجما
لا تطلبنّ محبةً من جاهلٍ…. المرءُ ليس يُحَبُّ حتى يُفهما
وارفقْ بأبناء الغباء كأنهم …… مرضى، فإنّ الجهل شيءٌ كالعمى
والهُ بوردِ الروضِ عن أشواكه…. وانسَ العقاربَ إن رأيت الأنجما
- قال السماء كئيبة وتجهما
قالَ: السماءُ كئيبةٌ ! وتجهما … قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولّى! فقلت له: ابتــسمْ … لن يرجعَ الأسفُ الصبا المتصرما !!
قال: التي كانت سمائي في الهوى… صارَتْ لنفسي في الغرام ِجــهنّما
خانت عــــهودي بعدما ملكـتها … قلبي , فكيف أطيق أن أتبســما !
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها…. لقضيت عــــمرك كــله متألما
قال: الــتجارة في صراع هائل… مثل المسافر كاد يقتله الـــظما
أو غادة مسلولة محــتاجة … لدم ، و تنفث كلما لهثت دما !
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها….. وشفائها, فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما و تبيت في وجل… كأنك أنت صرت المجرما ؟
- وطن النجوم
وطن النجوم … أنا هنا… حدّق … أتذكر من أنا ؟
ألمحت في الماضي البعيد … فتى غريرا أرعنا ؟
جذلان يمرح في حقولك… كالنسيم مدندنا
المقتنى المملوكُ ملعبُهُ…. و غيرُ المقتنى !
يتسلّق الأشجار لا ضجرا… يحسّ و لا ونى
و يعود بالأغصان يبريها… سيوفا أو قنا
و يخوض في وحل الشّتا…. متهلّلا متيمّنا
لا يتّقي شرّ العيون…. و لا يخاف الألسنا
و لكم تشيطن كي يقول الناس عنه ” تشيطنا “