الشعر الأندلسي
يُعرَّف الشعرُ الأندلسيّ على أنه ذلك الشعرُ الذي وُلِدَ في الأندلس، والذي اكتسب خصائص يمكن من خلالها أن يتم تمييزه عن باقي الشعر الذي ظهر في العصور الأخرى، ومن أشهر ما تميّز به الشعر الأندلسي الرثائيات التي قامت على زوال الممالك في الأندلس، كما تميّز شعراء الشعر الأندلسي عن غيرهم بالبراعة في توظيف الألفاظ داخل النصّ الشعري، وتنوّعت الأغراض الشعرية في عصر الأندلس كما حدث في العصور كافّة التي كان الشعر يُكتب فيها، كالرثاء، والفخر، والحزن، والحب، وظهر العديد من الشعراء الأندلسيين الذي كانت لهم بصمة حقيقة في تاريخ الشعر العربي، وفي هذا المقال سيتم ذكر شعر أندلسي عن الحزن.
شعر أندلسي عن الحزن
اهتمّ شعراء الأندلس بجودة الشعر الذي كانوا يكتبونه، فكانوا يتنقون الألفاظ الملائمة للجو الذي يحكم القصيدة التي يكتبها الشاعر، وكانت الألفاظ الرقيقة والوجدانية حاضرة بشكل كبير في أشعارهم، ويمكن ملاحظة ذلك فيما كتب من شعر أندلسي عن الحزن، وفيما يأتي سيتم تناول شعر أندلسي عن الحزن للعديد من شعراء الأندلس، حيث نُسبت هذه الأشعار إلى قائليها:
- أبو البقاء الرندي:
لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصان فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ
هِيَ الأُمُـورُ كَما شاهَدتُها دُوَل مَـن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ
وَهذهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحدٍ ولا يَدومُ عَلى حالٍ لهـا شانُ - أبو اسحاق الألبيري:
تفتُّ فؤادك الأيام فتا وتنحت جسمك الساعات نحتا
وتدعوك المنون دعاء صدق ألا يا صاح أنت أريد أنتا
أراك تحب عرسًا ذات خدر أبتَّ طلاقها الأكياس بتا
تنام الدهر ويحك في غطيط بها حتى إذا مت انتبهتا - ابن زيدون:
أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْـلاً مِـنْ تَدانِيْنا وَنَابَ عَـنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
ألا وقد حانَ صُبـح البَيْنِ صَبَّحنـا حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا
مَـن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا أنسًا بقربهم قـد عاد يُبكينا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنـا وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفـاءَ لكم رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا
ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسـد بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُـه وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا
بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنـا شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حيـن تُناجيكم ضمائرُنا يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا
- ابن سهل الأندلسي:
أذوق الهوى مرَّ المطاعم علقما وأذكـُر مِن فيهِ اللَّمى فيطيبُ
تحنُّ وتصبو كل عينٍ لحسنه كأن عيـونَ الناس فيه قلوبُ
وموسى ولا كفرانَ لِلّهِ قاتلي وموسى لقلبي كيف كان حبيبُ - ابن جبير:
إِلى الله أَشكو ما تُكن الجوانحُ تقاطعت الارحام حتى الجَوارحُ
فلستَ تَرى إلا قلوبًا وألسُنًا مُخالفةً هذى لهذى كواشحُ
فللقلبِ عَقد واللسانُ بنطقهِ يُخالِفه والفعلُ للكُلّ فاضحُ - وقوله:
يا زائرًا لم يُقضَ أن ألقاه دهر يعوق عن الذي أهواه
لما وجدت فناءَ داري عاطرًا أيقنتُ أنك قد وطئت ثراه
وطلبتُ للتقبيل فيه موضعًا فإذا الحيا المنهلّ قد عفّاه
لم يبق من أثر لوطئك في الثرى فجعلت ألثم حيث نمّ شذاه
حتى الغمامٌ يعوق عمّا أبتغي يا ما أكابده وما ألقاه - ابن خفاجة:
يارب مائسة المعاطف تزدهي من كل غصن خافق بوشاح
نفضت ذوائبها الرياح عشية فتملكتها هزة المرتاح
حط الربيع قناعها عن مفرق شمط كما تزبد الكأس بالراح
لفاء حاك لها الغمام ملاءة لبست بها حسناً قميص صباح
نضج الندى نوارها فكأنما مسحت معاطفها يمين سمـاح
ولوى الخليج هناك صفحة معرض لثمت سوالفها ثغور أقـاح
خصائص الشعر الأندلسي
يمكنُ تمييز الشعر الأندلسيّ عن غيره من أنواع الشعر الذي كُتب في العصور الأخرى كالعصر الأموي، والعصر العباسي، والعصر الجاهلي، وفي الوقت ذاتِه فإن هناك العديد من شعراء الأندلس ممّن تأثروا بما كُتب في العصور الأخرى للشعر، وعليه فإن أهم خصائص الشعر الأندلسي ما يأتي:
- يكشف الشعر الأندلسي عن جانب كبير من ذات الشعر، ويعكس واقعه بطريقة غير مصطنعة.
- أثّرت بيئة الأندلس بشكل كبير في الطريقة التي كانت تُكتب بها القصائد الأندلسية.
- كانت القصائد الأندلسية تُحدث نغمًا في نفوس الناس، وتؤثر بهم بشكل كبير، الأمر الذي أدّى إلى ظهور الغناء الأندلسيّ، حيث غُنَّتْ بعض القصائد الأندلسيّة.
- تحتوي القصائد الأندلسية على تناغم لفظي وصوتي كبير، ويظهر فيها الإيقاع الموسيقي الداخلي بشكلٍ واضح.