حلف اليمين الكاذب يندرج عند الفقهاء تحت أبواب الأيْمان والنذور، وقد أخذ مساحة واسعة عند العلماء، لأنّ اليمين لا ينعقد إلا بالحلف بالله –تعالى-، وحلف اليمين الكاذب استعان بعظمة الله –عز وجل- إذ جعله عرضةً لكذبه وافتراءه، وإذا كان الكذب ابتداءً منهي عنه شرعاً، ويعدّ من الكبائر، فكيف بالذي حلف اليمين الكاذب، وهذا المقال يتناول يبين مفهوم وتعريف ومعنى حلف اليمين الكاذب وحكمه عند الفقهاء.

اليمين الكاذب مفهومه وموقف الشرع من فاعله

  • حلف اليمين الكاذب يسمّى في الاصطلاح الشرعي باليمين الغموس، وهو الحلف كذبًا على أمر ماضٍ، أو في الحال، نافيًّا لعدم وقوعه، أو مثبتًا له، مثل قول الحالف: والله لقد حصل كذا وهو يعلم أنه لم يحصل، أو قوله: والله لقد قال فلان كذا وهو يعلم أنه كاذباً فيما ادّعى.
  • اليمين الغموس هي يمين كذب ومكر وخديعة، وسميت غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإثم والنار، وهذه اليمين يأثم صاحبها، وهي من كبائر الذنوب.
  • إذا كان حلف اليمين الكاذب “الغموس” شهادة أمام القاضي، وأدّت إلى ضياع حقّ كان الذنب أشدّ وأعظم، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَلَف على يمينٍ يَقتَطِعُ بها مالًا وهو فيها كاذِبٌ، لَقِيَ اللهَ وهو عليه غضبانُ).
  • عاب المولى سبحانه على تلك الفئة التي تستهين حلف اليمين الكاذب، قال -عزَّ وجلَّ-: (ِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ).
  • الحقّ الذي حصل عليه الحالف يميناً غموساً حقّ مغتصَب، ويعدّ مالاً حراماً، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِى لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ).

ما يلزم صاحب حلف اليمين الكاذب

  • ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ يمين الغموس أعظم من أنْ تكون فيها كفارة، فلا ترفع الكفارة إثمها، وإنّما يلزم صاحبها التوبة النصوح، ويلزمه كذلك إصلاح ما ترتّب على يمينه الكاذبة، ولا تصحّ توبته حتى يردّ الحقوق المادية أو الاعتبارية لمنْ تضرّر من يمينه أو طلب السّماح منهم، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (كنّا نعدّ الذنب الذي لا كفارة له، اليمين الغموس).
  • ذهب السادة الشافعية إلى أنّ صاحب حلف اليمين الكاذب يلزمه كفارة اليمين، على أنّ الكفارة لا تُسقط الإثم عنه، بل وجبت بحقّه التوبة وردّ الحقوق.
  • على الحالف بهتاناً وزوراً أنْ يُسارع بالتوبة الصادقة، وأنْ يستعظم حرمة ما فعل، وصدق الله إذ يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً).
  • يُنصحُ التّجار بالحذر من الوقوع في اليمين الغموس؛ فإنها مهلكة لبركة مالهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم‏-: (إن اليمين منفقة للسلعة، ممحقة للبركة‏).

فيديو عن حكم حلف اليمين الكاذب

ننصحكم بمشاهدة الفيديو الآتي الذي يتحدث فيه فضيلة الدكتور بلال إبداح عن حكم حلف اليمين الكاذب: