إنَّ التدخين من الأمور المحرَّمة في الشرع سواءً كان فيشهر رمضان أو في غير رمضان،[١] لأنَّه يجلب الكثير من المفاسد والأضرار،[٢] وهو من الخبائث وليس من الطيبات والله تعالى يقول في كتابه الكريم: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}،[٣] بالإضافة إلى الأضرار والأمراض الخطيرة التي يسببها للجسم ويقول الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}،[٤] هذا غير الآثار السلبية والسيئة الاقتصادية والاجتماعية والصحية على الفرد والمجتمع.[٥]


هل التدخين يبطل الوضوء؟

أجمع الفقهاء من أهل العلم أنَّه رغم كون التدخين من الخبائث والمحرمات إلا أنَّه لا يبطل الوضوء، لأن مبطلات الوضوء معروفة في الإسلام ولا يدخل التدخين تحت أي نوع منها،[١٢] وقاسَ بعض الفقهاء التدخين على البصل فهو يمنع من صلاة الجماعة مثله، فيجب على المسلم أن يزيل آثاره قبل دخول المسجد لأنَّ ما لا يتمُّ به الواجب فهو من الواجبات، فالمدخن يقع بين وجوببين هما: وجوب ترك التدخين لأنَّه من المحرمات ووجوب التخلص من آثاره لأنَّه من الخبائث التي تمنع صلاة الجماعة، والله تعالى أعلم.[١٣]

إقرأ أيضا : رمضان شهر الصيام

هل التدخين في نهار رمضان يبطل الصيام؟

أكَّد العلماء أنَّ التدخين في نهار رمضان يعدُّ من مبطلات الصيام، وذلك لأنَّ له جرمًا يصل إلى جوف الإنسان، وقد أجاب الشيخ ابن عثيمين عندما سئِل عن استنشاق العطورات مبينًا الفرق بين العطر والدخان فقال في العطور: "يجوز أن يستعملها في نهار رمضان وأن يستنشقها إلا البخور لا يستنشقه لأن له جرمًا يصل إلى المعدة وهو الدخان"، فدخان البخور من مبطلات الصيام رغم أنَّ البخور في أصله مباحٌ شمّه ومختلف في إباحة استنشاقه؛ وهو من الطيبات بخلاف التدخين الذي هو من الخبائث ومحرم أصلًا،[٦] وعليه فإنَّ شمَّ الروائح عمومًا لا يفسد الصيام إلا إذا كان جرم أو قوام أو مادة ظاهرة وهو الدخان، لذلك فإنَّ التدخين في نهار رمضان يبطل الصيام بإجماع العلماء والفقهاء.[٧] وإلى ذلك ذهبت دائرة الإفتاء الأردنية.[٨]

هل التدخين بعد الإفطار ينقص من أجر الصيام؟

إنَّ التدخين من المحرمات لذلك فهو ينقص أجر الصائم بعد الإفطار مثله مثل بقية المعاصي والآثام مثل الكذب والغيبة والنميمة وحلق اللحية، وهذا ما أكَّد عليه الشيخ ابن عثيمين عندما أشار إلى أنَّ الحكمة من فرض الصيام على المسلمين هي التقوى أي الابتعاد عن المعاصي والذنوب وعن كلِّ ما حرمه الله تعالى، إذ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}،[٩] وفي الحديث أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ"،[١٠] ومعنى الحديث أنَّ على الصائم أن يجتنب ما حرَّم الله من قول أو فعل، وإلا ذهبت المعاصي بأجر الصيام، والله أعلم.[١١]