صلاة العشاء
تعتبر سنة صلاة العشاء من السنن المؤكدة التي وردت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث ذكر أن رسول الله كان مواظبا بشكل مستمر على أداء هذه الصلاة العظيمة، وسنة صلاة العشاء ركعتان، فقد ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح).
لم يثبت أن هناك عدد محدد من النوافل قبل أن يؤذن المؤذن للعشاء، إلا أن الأمر متاح للاجتهاد في العبادة قدر المستطاع، ومن هنا فإنه ينبغي الإكثار من النوافل، فهي من سبل التقرب والتزلف إلى الله تعالى، وتقوية وتنمية النواحي الروحانية لدى الإنسان المؤمن الموحد، وهي أيضا وسيلة يستعان بها على الشدائد والملمات؛ فالصلاة تخفف الشيء الكثير عن الإنسان، من خلال دعوته الله تعالى أن ينجيه، وأن يوفقه لكل خير، وأن يشرح صدره للإيمان، والسلامة، والإسلام، وأن يجعله مصدر خير وبركة على نفسه أولا وعلى كل من حوله، وهذه المعاني جاءت في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).
وبشكل عام فرض الله تعالى على كل من آمن برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- فروضا خمسة تبدأ بالشهادتين، فالصلاة، فالزكاة، فالصوم في شهر رمضان، لتنتهي بالحج لمن استطاع إليه سبيلا. ومن هنا فإننا نرى أن الصلاة هي الركن الثاني بعد الشهادتين، وقد فرض الله تعالى على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة، موزعة توزيعا هندسيا بمعنى من المعاني، فهذا التوزيع بهذه الطريقة لغاية عظمى اجتهد الفقهاء في تعليلها، ولكن الله تعالى هو العليم الحكيم، وهو الذي يعلم التعلات كلها.
ومن المعاني التي من الممكن لهذا التوزيع أن يتضمنها إدخال الراحة والهدوء والسكينة على الإنسان في كافة أوقات النهار، وجعله على الدوام متصلا بالله تعالى راجعا إليه في كافة أموره. وإذا ما نظرنا إلى النوافل والسنن في الحديث الأول، لوجدنا أنها اقترنت مع صلوات أربعة مفروضة، وهذا مما يزيد من إقبال الإنسان على الله تعالى إن أدى هذه الصلوات بصدق نية وإخلاص، وكان بعيدا عن الرياء، والتكبر.
