بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام
عندما بزغ فجر الإسلام على مكة المكرمة ببعثة سيد المرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم آمن به من آمن من أهل مكة رجالا ونساء وعبيدا وكفر به من كفر خاصة من أكابر قريش وساداتها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه إلى إنزال أصناف التعذيب والتنكيل والتضييق والحصار بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين؛ مما حدا بالنبي الكريم بأمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة ثم الهجرة إلى يثرب -المدينة المنورة لاحقا- أما رسولنا الكريم فبقي في مكة ينتظر الأمر الإلهي بالهجرة، واستمرت هذه المرحلة ثلاث عشرة سنة عرفت في التاريخ الإسلامي باسم المرحلة المكية من الدعوة الإسلامية.
الهجرة النبوية
الهجرة النبوية كانت خاتمة المرحلة المكية وفاتحة المرحلة المدنية في التاريخ الإسلامي؛ حيث أمر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بالتوجه إلى يثرب مهاجرا- المدينة المنورة- حيث خرج النبي صلى الله عليه وسلم برفقة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وفي اليوم الثاني عشر من خروجه من مكة وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قباء- وهي منطقة بجوار المدينة المنورة- يوم الإثنين عام 622م وبقي في قباء عدة أيام.
وفي يوم الاثنين الموافق لليوم الرابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول من 622م استقر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بصورة دائمة، وأصبحت عاصمة الدولة الإسلامية ومقر الخلفاء الراشدين من بعده.
وتشكل حادثة الهجرة النبوية وما رافقها من أحداث ومواقف تدل على صدق خاتم المرسلين حدثا هاما في تاريخ المسلمين والبشرية جمعاء؛ فالهجرة مهدت الطريق للفتوحات الإسلامية وبالتالي نشر الإسلام في كامل شبه الجزيرة العربية وامتد إلى كافة الأقاليم والمناطق، وتخليدا لهذا الحدث الجلل قرر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه اعتماد سنة الهجرة سنة بداية التقويم الهجري المعمول به حتى الآن ووافقه الصحابة على قراره.
الدروس والعبر المستفادة من حادثة الهجرة
- الصبر على الأذى وتحمل المتاعب في سبيل تحقيق الهدف الأسمى وتبليغ الرسالة.
- بقاء الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة منتظرا الأمر الرباني بالهجرة، وهو دليل على الانقياد التام للرسول للمولى سبحانه وعدم استعجاله الهجرة حتى جاءه الأمر.
- الرسول يمثل القائد الذي يؤثر سلامة أتباعه على سلامته؛ فيأمرهم بالهجرة ويبقى هو في مكة مواجها لكفار قريش.
- صداقة أبي بكر الصديق مثالا للصداقة الحقيقية في السراء والضراء؛ حيث وقف مع صاحبه في أشد المواقف خطورة وأبى أن يترك النبي وحده في طريق الهجرة.
- الصبر على المكاره مفتاح الفرج والعسر لا بد من أن يليه اليسر؛ فبعد التضييق والتعذيب حقق الله سبحانه للمسلمين التمكين والنصرة عندما رضوا بالتغيير من مكان إلى آخر.