اختلاف الناس
من حكمة الله عز وجل أنه خلق الناس مختلفين في الشكل، واللون، والهيئة، والصورة، واللغة حتى في القدرات العقلية، فلكل شخص مستوى معين من الطاقة الفكرية التي يستطيع من خلالها أن يستوعب ما يدور حوله، وقد أوجد الله تعالى ما يناسب هذا الاختلاف بين الناس من أجل تسهيل حياتهم، ولعل أبرز ما يهم المسلمين في حياتهم هي تعاليم الدين الإسلامي؛ حيث إنه من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تم تنظيم حياة المسلم من جميع الجهات والجوانب، ولم يغفل الإسلام عن شيء مما يخص المسلم، وذلك ليكون قادرا على العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، ولكن كما قلنا فإن الناس خلقهم الله عز وجل مختلفين فيما بينهم؛ لذلك أوجد الاختلافات بين الفقهاء، فكيف يمكن التعامل مع هذه الاختلافات دون الوقوع في الإثم.
طريقة التعامل مع الاختلافات بين المذاهب الفقهية
إن اختلاف المذاهب الفقهية يدور حول المسائل الفرعية في الإسلام التي لم يثبت فيها دليل قاطع سواء من القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة مثل الصلاة، والصيام، والحج فهذه الأمور لا يمكن الاختلاف في فرضيتها، كما لا يمكن الاختلاف في تحريم الربا، والزنا، وقتل النفس.
لقد اجتهد الفقهاء في محاولة تفسير وتوضيح بعض المسائل الفقهية التي لا يوجد فيها نص صريح، واختلاف هذه الآراء يعتبر رحمة بالناس وتخفيفا للمشقة عليهم، وقد جاء الاختلاف في تفسير المسألة نظرا لأن القرآن الكريم تمت قراءته بعدة قراءات، وكما نعلم فإن الحركات على الحروف تحدد معاني بعض الكلمات وعبارات في اللغة العربية مما يؤدي إلى تفسيرها بشكل معين، كما تم النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم بطرق ووسائل مختلفة نظرا لاختلاف علم الصحابة، وقد يكون بعض الصحابة غائبا عن جلسة من جلسات النبي صلى الله عليه وسلم فينقل إليه من كان حاضرا ما جرى في المجلس فيحصل الاختلاف في عملية النقل وهكذا.
على المسلم اتباع مذهب معين في جميع أحكامه ولكن في حال صعبت بعض المسائل عليه فله الرخصة بأخذ تعرف ما هو ميسرعند المذهب الآخر، لأن المذاهب الأربعة التي يتبعها المسلمون (المذهب المالكي، والمذهب الحنبلي، والمذهب الحنفي، والمذهب الشافعي) كلها موثوقة ولا يوجد تناقض فيما بينها بما يخص العقيدة والأمور الأساسية في الدين، ولكن لا يجوز للمسلم التنقل فيما بين هذه المذاهب بحثا عن الأسهل والذي يناسب هواه لأنه بذلك قد يقع في دائرة من حذرهم الله تعالى ممن اتبعوا أهواءهم، لأن الشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم وقد يهيئ له بعض الأمور بأنها صحيحة ويمكن التحايل بشأنها فيقع المسلم في الإثم.